تنظيم داعش في المقابلة المكتوبة مع الطيار الاردني معاذ الكساسبة التي عرضتها مواقع التنظيم، أصر على ارسال رسائل متعددة. اهم هذه الرسائل هي الصورة التي ظهر فيها الطيار مرتديا البزة البرتقالية التي باتت تمثل الصورة النمطية التي درج تنظيم داعش مؤخرا على استخدامها في حالات تصفية الرهائن. يضاف الى ذلك الجملة الختامية التي انهت مجلة دابق بها المقابلة على لسان الطيار قائلا: انه يعلم ان التنظيم سيقتله.

القراءة السريعة ــ لمشهد الترهيب السيكولوجي هذا ــ تشير الى ان داعش يرغب بارسال رسالة تصعيدية واضحة للاردن، لكن من الطبيعي أيضا ان تدخل هذه الرسالة التصعيدية معادلة رفع سقف المطالب التفاوضية للتنظيم.

فالتنظيم في معركته مع التحالف يدرك تماما ان ورقة الطيار تكاد تكون الورقة المؤثرة الوحيدة التي تعطي داعش مساحة تفاوضية كبيرة وتجعله قادرا على تقديم طلبات مباشرة او تحقيق مكاسب ملموسة على الارض في ظل تشديد القصف الجوي من قبل قوات التحالف.

الجزء المهم الآخر في المقابلة هو الرسائل التي يرسلها التنظيم الى قوات التحالف، وبالتحديد الولايات المتحدة. التفاصيل التي يرسلها التنظيم عن موضوع الطلعات الجوية وتنظيمها وطبيعتها وحتى اعداد الطيارين هي معلومات مهمة يستخدمها التنظيم ويوظفها بحرفية عالية في حربه النفسانية والاعلامية التي يتقنها بطريقة لافتة للنظر، خصوصا ان عرض مثل هذه المعلومات يقدم للتنظيم مساحات تجعله قادرا على خلط هذه المعلومات ومزجها واضافة ما يرغب به من رسائل بصورة تبدو حقيقية ومنطقية ــ خصوصا مع غياب اي مصدر آخر للمعلومة ــ تشكّل حالة من الفراغ يحاول داعش ان تكون ماكينته الاعلامية هي من تملأ هذا الفراغ او حتى تقود الساحة الاعلامية بصفتها المصدر الاول والوحيد للمعلومة.

المعركة الاعلامية الحالية هي معركة تحتاج الى اسلوب جديد في ادارة الازمة، شفافية اكثر، مهنية، ركض الى الامام، واستباق الاحداث والخطوات المقبلة. الانقلاب على نمطية الاعلام التقليدي وتعزيز حالة التعبئة المعنوية المجتمعية بطريقة تحترم عقول الناس هو مطلب قديم متجدد، خصوصا في مثل هذه الاوقات. فمن المستحيل ان يواجه الاعلام الرسمي ومشتقاته تنظيما يتقن فن الاعلام الحديث والتخويف والترهيب، ويتقن فن اللعب على اوتار التفرقة وتوظيف الاوراق والمعلومات.
(العرب اليوم)