هل يحسم عام 2015 مصير بقاء بريطانيا فى الاتحاد الاوروبي ؟
31-12-2014 10:00 PM
عمون - (د ب أ) - أصبحت بريطانيا طفل الاتحاد الأوروبي البغيض ، مع مطالب ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء، بإعادة المفاوضات وتعهداته باجراء استفتاء على عضوية بلاده في الاتحاد، مما تسبب في اقتراب نفاد صبر الدول الاعضاء.
ورغم ذلك يقول كاميرون إنه يسعى جاهدا من اجل مواجهة تزايد اعداد المتشككين فى اوروبا خلال محاولته الابقاء على بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
عندما قاطعت اجراس انذار حريق في أحد مصانع السيارات في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، كلمة كاميرون المهمة بخصوص أوروبا، قال مازحا إن مستمعيه ظنوا أنهم يسمعون أجراس الانذار في بروكسل في احتمالية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وانخفضت شعبية الاتحاد الاوروبي في بريطانيا ، حيث فاز حزب استقلال المملكة المتحدة، المتشكك في الاتحاد الاوروبي، في انتخابات البرلمان الأوروبي لهذا العام.
ووسط ضغوط متزايدة من القوى المناهضة للاتحاد الأوروبي داخل وخارج حزبه، وعد كاميرون باجراء استفتاء على بقاء بلاده في الاتحاد الاوروبى او خروجه منهاعام 2017 في حال اعيد انتخابه في الانتخابات العامة المقرر عقدها في أيار/مايو المقبل.
وفي الوقت الذي يقول فيه كاميرون انه يفضل بقاء بريطانيا في الكتلة، وجد فائدة سياسية كبيرة في التلميح الى انه قد يغير رأيه إذا لم تتم الاستجابة لمطالبه الرئيسية.
وقال كاميرون "إذا لم يتم مراعاة مطالبنا ولم نتمكن من تحسين علاقتنا مع الاتحاد الأوروبي، على اساس افضل فبالطبع لا أستبعد شيئا".
وتظهر استطلاعات الرأي تردد المواطنين البريطانيين تجاه أوروبا، على الرغم من كونهم أعضاء في الكتلة السياسية والاقتصادية طوال 40 عاما.
وحتى قيادة حزب العمال المعارض، الذي لم يعد باجراءاستفتاء، تشعر بآلام حيال عدم مقدرتها التعبير عن رايها حيال الكتلة التي تتكون من 28 عضوا.
وتعتبر قضية الهجرة مصدر قلق رئيسي، وبشكل أكثر تحديدا، عدم مقدرة بريطانيا على منع مهاجري الاتحاد الأوروبي من دخول البلاد تحت مبدأ حرية الحركة بين أعضاء الاتحاد.
وأظهرت أحدث الأرقام الرسمية أن 228 ألف من مواطني الاتحاد الأوروبي دخلوا بريطانيا بحلول حزيران/يونيو من هذا العام(2014)، العدد الذي يعد أكثر بمرتين من وعد كاميرون بعدد سنوي أقل من 100 ألف بحلول أيار/ مايو عام 2015.
إلا أن كاميرون يرسل رسائل مختلطة بخصوص عضوية الاتحاد الأوروبي. ففي الوقت الذي يفقد فيه حزبه المحافظ مؤيديه لصالح حزب الاستقلال، يحرص معظم اصحاب الشركات على البقاء في الكتلة التي تعطي أفضلية الوصول إلى 500 مليون مستهلك.
وحذر مايكل ريك، رئيس الاتحاد البريطاني للصناعة، أن بمغادرة بلاده للاتحاد الأوروبي سنرى بريطانيا "تنشغل بالداخل ، وتنعزل عن العالم في مواجهة التغير العالمي الذي لا مفر منه".
وبشكل ملحوظ، اختار كاميرون القاء خطابه المنتظر بخصوص أوروبا في احد مصانع (جيه.سي.بي) للمعدات الثقيلة، والذي يتردد انه ما كان له ان يكون هناك لولا مزاياالسوق الموحدة التي تتيحها عضوية بريطانيا فى الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من اقتراح التنازل عن استحقاقات الرعاية الاجتماعية للمهاجرين في الاتحاد الأوروبي، فإن كاميرون يصر على رغبته في "عدم تدمير" مبدأ حرية الحركة، والتي استفاد منها أكثر من 3ر1 مليون بريطاني.
ويهدف كاميرون الى تخفيف موقف بروكسل المتشدد من خلال استخدامه نبرة تهديد بشأن إخراج بريطانيا من الكتلة ما لم يتم إعطاء تنازلات بشأن قضايا رئيسية مثل الهجرة.
ولا تعتبر مطالب بريطانيا بخصوص معاملة خاصة شيئا جديدا. ففي عام 1984، تفاوضت رئيسة الوزراء السابقة مارجريت تاتشر على تخفيض ميزانية الاتحاد الأوروبي، حيث قالت "نطالب بإعادة أموالنا".
إلا أن الاتحاد الاوروبي تمسك برفضه حيال أي حديث عن تغيير في المبدأ الذي تأسست عليه حرية الحركة بين الدول الأعضاء.
وتحت قيادة كاميرون، وجدت بريطانيا وبشكل متزايد نفسها على خلاف مع بقية دول الاتحاد، حول قضايا مثل ترشيح جان كلود يونكر لمنصب رئيس المفوضية الأوروبية واستخدامها لحق الفيتو عام 2011 بشأن التدابير الرامية إلى معالجة الأزمة الاقتصادية للكتلة.
إلا أن هذا الموقف أصبح مملا بالنسبة للدول الاعضاء في الكتلة.
وفي تشرين أول/أكتوبر الماضي، حذر رئيس الكتلة آنذاك جوزيه مانويل باروسو أن كاميرون "يـلعب بالنار" من خلال إذكاء نيران المشاعر المناهضة للاتحاد الأوروبي.
وقال باروسو، خلال مقابلة اجرتها معه قناة "فرانس24" الفرنسية، "لا يمكنك انتقاد الاتحاد الأوروبي من يوم الاثنين حتى السبت وبعد ذلك تطلب من الناس بالتصويت لصالح الاتحاد الأوروبي يوم الأحد".
وتعهد خليفته، جان كلود يونكر، بالعمل على إبقاء بريطانيا في الاتحاد. إلا أن العديد من البلدان الاعضاء ترغب في إعادة النظر في معاهدات الاتحاد الأوروبي من أجل تغيير قواعد العضوية الأساسية، خوفا من أن يفتح هذا بابا لا يمكن غلقه من المطالب الوطنية.
ووضعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي شجعت الجهود للحفاظ على بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، خطا أحمر عندما تحدث كاميرون عن تحديد اعداد المهاجرين، خطوة لم يستمر فيها خلال توضيحه لخططه للحد من الهجرة.
وينظر آخرون إلى موقف بريطانياأنه نفور يتسم بالثبات للتخلي عن ماض كانت فيه قوة عالمية لهاعلاقة خاصة بالولايات المتحدة، فضلا عن شعور دائم بالتفوق الثقافي ونظرتها لقارة أوروبا كمكان للعطلة.
وقال فرانسوا كريبو، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق المهاجرين، لصحيفة "اندبندنت"، "إن الخيال هو أن هناك ثقافة بريطانية أساسية تم انشاؤها ربما قبيل 2000 عام، وتقع تحت التهديد الآن من أولئك الهمج الذين يأتون إلى أبوابنا".
وأضاف كريبو "إن هذا هراء مطلق، ولكن من يجرؤ أن يقول هذا؟".