الإيجابية تفاؤل والسلبية تشاؤم
شحاده أبو بقر
31-12-2014 07:10 PM
عندما تكون راحة البال هي العنوان الابرز للحياة ، فإن ذلك يعني أن الناس الإيجابيين كثر والسلبيين قلة ، والعكس صحيح تماما ، ولو أدرك الناس سمو الغاية لوجودهم في هذا الكون لما كان بينهم شقي ولا محروم ، فالله سبحانه وتعالى كرم ابن آدم واكرمه اكثر من سائر مخلوقاته على هذا الكوكب ، واسجد الملائكة ل سيدنا آدم عليه السلام ، وأراد للانسان ان يكون عنصرا إيجابيا مهمته إعمار الارض والاسهام في إسعاد البشرية كلها ، ولهذا ارسل الرسل لهداية البشر وإرشادهم الى السلوك القويم في هذه الحياة .
مشكلة البشر هي حيادهم عن جادة الصواب وتفشي المظاهر السلبية في سلوكهم ، ومن هنا بدأ الصراع على الدنيا ومغانمها ، حتى غدا الانسان في الاعم الاغلب مصدر شقاء لاخيه الانسان ، بدل ان يكون مصدر سعادة وراحة بال . وفي مجتمعاتنا النامية على وجه الخصوص ، يتدخل الواحد منا في حياة الآخر سلبيا ودونما مبرر ، فلا الاول عاش ، ولا هو ترك الآخر يعيش بأمان وطمأنينة وسلام ، وعندما تبحث عن مبرر وجيه لهذا نمط حياة لا تجده ، وإنما هو حب النكد لا اكثر ، عندما يجد بعضنا سعادته الوهمية في شقاء غيره ، وعلى نحو تسود فيه السلبية في القول والعمل ، وتنعكس آثار ذلك على الاوطان والمجتمعات ، وتمضي الحياة كذلك وتهدر الاعمار وبعضنا لا يجد يوما اخضرا في حياته ، والسبب هو تدخلات الفضوليين الذين أخذوا على عواتقهم تنكيد حياة الآخرين بدافع الطمع والجشع والحسد وسوى ذلك من سلوكيات سلبيه .
لو حاولنا نحن الاردنيين مثلا ان نجرب وليوم واحد مثلا ان نتحلل تماما من كل سلبية وان نكون إيجابيين في تصرفاتنا كلها ، وامتنعنا عن اي تدخل سلبي في حياة بعضنا البعض ، وتصالح كل مخاصم مع خصمه ، وتوقفنا بالكلية عن الغيبة والنميمة والحسد والشتيمة والاتهام والغضب والطمع والإستئثار ، وجربنا عوضا عن ذلك الاحترام والمودة والتعاون والتقوى والكلم الطيب والتسامح والعفو والاخلاص ومقاربة كل القيم الجليلة والجميلة في هذه الحياة ، نعم لو إتفقنا وبقرار موحد على ان نجرب ذلك مدة اربع وعشرين ساعة بالتزام تام وابتعدنا عن كل خلق سئ ، لتمكنا من إصلاح معظم شؤون حياتنا ولبدأنا بتذوق طعم راحة البال والسعادة والسكينة ، ولاكتشفنا ان لا شئ في هذه الحياة يستحق ان يشقي بعضنا بعضا ، ولاحسسنا بالراحة على أصولها .
يملك كل رب اسرة وافرادها وكل صاحب عمل والعاملون لديه او تحت إدارته وفي كل مرافق الحياة الاردنية ان يجرب ذلك ليوم واحد ، ليرى الفارق الهائل بين ذلك اليوم وسابقه ، فهذا الوجود الرباني العظيم يتطلب من كل موجود عاقل ان يكون إيجابيا لا سلبيا ، وهذا هو الاصل وما عداه هو نقيض الغاية الاسمى للوجود كله ، والله من وراء القصد