جرة مكسورة خلف 2014 .. فهل نقول أهلا 2015؟!
جهاد المنسي
31-12-2014 03:27 PM
طوت سنة 2014 أيامها، حملت لنا مآسي وألما على الصعيد العام، وخلفت وراءها رائحة دم يتصاعد في أركان وطننا العربي المنهك تقسيما وفرقة، ورفعت فيها رايات سود يريد اصحابها إعادتنا لعصور الظلمة والتخلف والرجعية.
مضى العام، وحفر في كل شهر من شهوره واقعا مرا، وترك اشلاء تساقطت هنا وهناك، وعواصم انتهكت، وشعوبا كانت آمنة روعت، وسيدات خائفات من سبي هنا، او ترمل هناك، وأطفالا جياعا جراء التهجير القسري والهروب بحثا عن أمان مؤقت.
حمل لنا العام 2014 في طياته لحظات قهر لا تنسى، ورائحة بارود تقتل بلا هدف، وطائرات صهيونية تقصف اطفالا ونساء وشيوخا في غزة، من دون ان تتحرك جينات العروبة، وقطعان مستوطنين يستبيحون قبلتنا الأولى وثالت مساجدنا من دون رادع، ويلوثون اجراس كنيستي المهد والقيامة.
مضى العام، و"الأقصى" ما يزال سليبا، وبغداد تئن فرقة، والشام أنهكتها الحرب، وبيروت بلا رئيس، واليمن لم يعد سعيدا، وليبيا تجول فيها العصابات المسلحة، والقاهرة تحاول لملمة جراحها، وتونس ما تزال تبحث ان كان الربيع مر بها ام لم يمر، والسودان يعاني آثار التقسيم، وهكذا دواليك.
ماذا تركت لنا أيها العام المنصرف عنا بعد سويعات، من لحظات فرح؟ أم انك استكثرت علينا حتى الفرح وشعرت أننا لا نؤمن به؟! أم أنك تشعر أن الفرح لا يجب أن يزورنا، ولسنا أهلا له؟ أم أنك تريد معاقبتنا على فرقتنا وضياع وحدتنا وتشتت هدفنا، واعوجاج سهمنا؟!
سنوات مرت بلا فرح، والغالب أن سنواتنا المقبلة لن تكون مختلفة، فالضياع ما يزال قائما، طالما اننا لا نملك زمام أمرنا، وتركنا آخرين يخططون لنا كيف نفعل وماذا نفعل! ويقولون لنا من نعادي، ومن نصالح! ومع من يجب أن نقطع علاقاتنا، ومع من يجب أن نبني علاقات أكثر قوة!
آه ما أصعبك من عام، حالك كأعوام سبقتك، فأنت استمرار لأعوام مضت كنا فيها لا نرى وحدتنا العربية إلا في برامج المواهب العربية، وفي غير مكان نجنح للقطرية والتقوقع، ولا نعرف عروبتنا إلا في بواطن الكتب، وخطابات القمم، وكلمات الشعراء والأغاني، وكفى.
حتى داخليا، ما أصعبك علينا، مديونيتنا ارتفعت، واقتصادنا يعاني، وإصلاحنا يتعثر، وحرياتنا تراوح مكانها أو تتراجع، وبنيتنا التحتية تتصدع، وأزمة الطاقة تتعمق، حتى بتنا نتحدث عن غاز اسرائيلي بلا خجل.
مواطننا يعاني، والرواتب متدنية، والزراعة تنهض شهرا وتنتكس أشهرا، والصناعة تتخوف من رفع الكهرباء، والتجارة تتعمق أزمتها بسبب صعوبة الطرق في العراق وسورية، والعقارات تشهد كسادا، والسوق المالي يتأرجح.
طاقة فرحنا الوحيدة في العام 2014، هي ذاتها التي افرحتنا طوال سنين ماضية، وسنين لاحقة وهي محافظتنا على نسيجنا الاجتماعي، والدفاع عنه ورفض تلويثه بأي أفكار ظلامية، وقبضنا على وحدتنا الوطنية بقوة وعزيمة، وقناعتنا وإيماننا بأهمية أن نمر من أي محنة أو عثرة بقوة وصلابة، وإيماننا أن الإصلاح وإن تباطأ قليلا فهو طريقنا للمستقبل، وسبيلنا لمعالجة كل أزماتنا.
ماذا نقول في وداع عام مضى؟ هل نكسر خلفه جرة جريا على عادة الأسلاف تعبيرا عن تشاؤمنا منه، أم نقول لعل العام القادم يحمل في ثناياه لحظات فرح غير مرئية؟!
لا نريد أن نبدو متشائمين لدرجة الكآبة، نريد أن نترك مجالا للقادم أن يحمل لنا اخبارا سعيدة هنا أو هناك، أو يحمل في ثناياه بريق أمل نبني من خلاله تطلعات لسنوات أخرى وأعوام أكثر تفاؤلا، وأن يحمل أملا بأن تكنس الأفكار الظلامية من العقول، ويذهب الجميع من المحيط للخليج لبناء ما خلّفه أصحاب الرايات السود من أفكار متشددة، ومعالجة ما سببوه من تطهير في كل مكان نزلوا فيه.
"الغد"