تشكلت لجنة للمساعي الحميدة من شخصيات إخوانية وازنة، وقادة تاريخيين للجماعة برئاسة الدكتور عبداللطيف عربيات ، وعضوية الدكتور اسحق الفرحان والدكتور عبد الحميد القضاة، والأستاذ حمزة منصور والشيخ سالم الفلاحات، والأستاذ جميل أبو بكر، والمهندس حسان الذنيبات، والأستاذ نمر العساف، والمهندس علي أبو السكر والأستاذ فرج شلهوب، وآخرين فضلاء يصل عددهم إلى مايزيد عن سبع عشرة شخصية، لهم الاحترام والتقدير جميعاً، من أجل النظر في قضية المبادرة الأردنية للبناء، المعروفة بـ «زمزم»، وما حدث من جدل ولغط حولها داخل الجماعة وداخل المجتمع الأردني.
لقد قامت اللجنة بجهود كبيرة تستحق التقدير من حيث عقد اللقاءات وإجراء الحوارات، ودراسة وثائق المبادرة وأدبياتها، حيث توصلت اللجنة بعد مضي عدة أشهر من العمل إلى نتيجة قاطعة أن «المبادرة» قامت بجهد وطني مقدر، وقدمت مجموعة من الأفكار والطروحات والاجتهادات المشروعة التي تهدف إلى التواصل مع المجتمع الأردني، وتبحث عن مواطن التوافق وتعظيم مساحات المشاركة والتعاون مع المخلصين من أبناء الوطن؛ بغض النظر عن اتجاهاتهم الفكرية أو انتماءاتهم الحزبية.
كما توصلت اللجنة أن كل ما صدر عن المبادرة وكل ما قامت به من نشاطات لا يتعارض مع أهداف الجماعة وغاياتها، ولا تهدف إلى مناكفة الجماعة أو إضعافها كما حاولت بعض الأوساط أن تصور المبادرة، وتصفها بما ليس فيها، وقدمت اللجنة تقريرها إلى مجلس شورى الجماعة حيث تفهم التقرير واقره بأغلبية ساحقة، فله عظيم الشكر والتقدير، ونرجو أن يواصل جهده في إزالة الضرر والتشويه واغتيال السمعة التي تم ممارستها داخل صفوف الجماعة وفي دائرة التأييد حولها.
جهود اللجنة كانت علمية وموضوعية، وتتسم بالمسؤولية وتشكل محطة بارزة في طريق انطلاقة المبادرة التي تهدف إلى إنضاج المشروع الوطني الأردني، وتقوية الحالة الوطنية القادرة على الإسهام في خدمة الدولة الأردنية وحمايتها، والإسهام في بناء الإطار الوطني الواسع الذي يرتكز على نشر مفاهيم الإسلام الصحيحة، وتعميق الانتماء السليم للمشروع الحضاري الإسلامي الكبير، الذي يشكل المرجعية العليا للمجتمع كله بجميع مكوناته وشرائحه، دون وصاية أو احتكار من أي جهة ومن أي طرف.
إن المبادرة الأردنية للبناء ليست خاضعة ولن تخضع لوصاية أي طرف، ولن تكون مستوعبة في برنامج سياسي لأي جهة، وفي الوقت نفسه لن نخوض معركة المناكفة ولن تدخل في مواجهة مع أي جهة أو مكون من مكونات مجتمعنا الأردني الكبير، لأن ذلك يتناقض مع فلسفتها المعلنة القائمة على نشر ثقافة التوافق الوطني، والتعاون السياسي والتسامح الديني والمذهبي.
وعلى وجه التحديد والتخصيص الواضح فإن «المبادرة» لا تستهدف الحركة الإسلامية بالإصلاح والتطوير، ولا تستهدفها بالإضعاف والمناكفة أو سحب البساط من تحت أقدامها كما توهم بعضهم أو أراد أن يتوهم، وسوف تنطلق المبادرة في الفضاء الوطني الرّحب، تحاول أن تسهم في خلق مجالات جديدة، وثقافة جديدة، وتبحث عن مسارات جديدة لعلها توفق في مسعاها الإيجابي القادر على التوفيق وإزالة التناقض بين الإسلامي والقومي العروبي والوطني، لدى الأجيال الجديدة التواقة إلى بناء الدولة الأردنية المدنية الديمقراطية الحديثة، القادرة على حمل المشروع النهضوي بعيداً عن العنف والتطرف، والإقصاء والتهميش والتطاحن الذاتي الذي يبدد الجهود ويضيع الأوقات، والشكر الموصول لكل من تفهم المبادرة ولكل من أسهم في تفهمها، وغفر الله لكل من أساء عن جهل أو تجاهل متعمد ونسأل الله العلي القدير ان يبصرنا بالحق وأن يسخرنا لخدمة وطننا وأمتنا.
(الدستور)