لم تبكِ العرب على شيء مثلما بكت على الشباب، ذلك لأنه يمثل جزءأّ رئيسا وهاما وحيويا في حياتهم، والشباب، كما يقولون، هو ربيع العمر؛ فيه النضارة والحيوية، وهو يمثل الفترة الزمنية الزاهية في حياة الإنسان فيه القوة والفتوة.وفيه الحماسة والتوهجوالنشاط والتوقد،وهو مرحلة التفتح والنباهة. ولأن الشباب باكورة الحياة، بكت عليه العرب واستذكروه بكل جهالته وطيشه بقصصهم واشعارهم وما بكوا على شيء مثلما بكوا عليه، وما بكوا من شيء كما بكوا من الشيب، باعتباره فاضحاً للأسرار، وان ظهوره ينذر بدخول مرحلة جديدة هي مرحلة الشيخوخة، ناهيك عن أن المرأة تدير ظهرها لمن علاه الشيب!!!!،...

اشتعال الرأس شيبا،( الشيخوخة) مرحلة مؤذنة برحيل زهرة العمر، شئت أم أبيت، مما يشكل لنا دافعاً لهجاءالشيب وكرهه ومحاولة إخفائه،او للبكاء على ربيع العمرالفائت، ولعل بعضهم يخدع نفسه عندما يقول: الشباب شباب القلب،

مرحلة الشيخوخة مرحلة التغيرات الجسمية والنفسية والعصبية والعقلية، تؤدي بدرجات متفاوتة الى تدهور وتراجع في معظم وظائف الجسم، مرحلة السيخوخة مرحلة تغيرات، تشمل مظهر الجسم بشكل عام والعلاقة النسبية بين أجزائه وأعضائه، كما تشمل تركيبة وحيوية الجلد والعضلات والمفاصل والأوعية الدموية والعمليات الوظيفية لأجهزة الجسم كافة، بما في ذلك القلب والجهاز التنفسي.

قد يبدو الفرد أكثر نضجاً، وأكثر حكمة وتعقلاً مع تقدم العمر، إلا أن ذلك لا يعني تطوراً موازياً في حيويته ونشاطه، فالعظام اصبحت واهنة، والعضلات مترهلة، والضعف باد وليس منه مهرب، وناقوس الأمراض يدق باب حياته، سرٌ دفين في النفس يجثم على الصدر لا يمكن البوح به، مرحلة مجهولة تحمل بين ايامها ضجراً ومللاً كبيرا ومحدودية في النشاطات، مرحلة تتضافر فيها مجموعة من الانفعالات والمشاعر والأزمات تؤشر للاحباط واليأس والوحدة .

وبعد، فإن أقبلت الشيخوخة، وليس منها مهرب بالطبع، فلنكن أسياداً لهاوليس عبيداً، فالهرم لايكون إلا للنفوس الضعيفة، ولايكون إلا عند الاستسلام والرضوخلليأسوالاستكانة .

‏ولكل مرحلة من مراحل العمر جمالها وعذوبتهاوخصوصيتها الفريدة والتي لا تنقص عن أي مرحلة تلحقها من قيمتها الإنسانيةوالوجدانية، ولكن للأسف فإن مرحلة الشيخوخة بحد ذاتها لم تعط القدر الوافي من الدراسات والاهتمامات العلمية كما اعطيت مرحلة المراهقة مثلاً او مرحلة الطفولة، رغم ان مرحلة الشيخوخة قد تكون أهم مرحلة من حيث انها مستودع التجارب وبيت خبرة الإنسان عبر عمره الماضي، من المفيد ان يتم تدريس مرحلة الشيخوخة جنبا الى جنب في الكليات العلمية والانسانية مع مرحلة الطفولة والمراهقة فهي مكملة ومتوجة لهما، لماذا يتم تجنب هذه المرحلة مع ادراكنا الأكيد اننا مقبلون عليها لا محالة، اعتقد انه الخوف من هذه المرحلة لسبب بسيط هو جهلنا بعلومها بعد ان اصبحت علماً له اساتذته ومتخصصوه وله كرسي في ارقى الجامعات .