لم ينته دور العقل والخلق في الكارثة السورية، فنحن نقرأ تحليل جهاد المقدسي للمرحلة الحادة التي تحاول فيها موسكو (والقاهرة وعمان) خلق حالة داخلية تطلع سوريا من مستنقع الدم، وتضعف تأثيرات داعش والنصرة والارتزاق على المشهد العام.
للعلم فقط فان جهاد المقدسي لمن يتذكر هو الناطق السابق بلسان الخارجية السورية، وقد لفت الانظار بلغته المتزنة مما لم يكن ينطبق على أي جهاز من اجهزة النظام، وانتهى به الامر الى زيارة بيروت، ثم اعلان لجوئه السياسي.
يقول المقدسي لا يوجد في جنيف – 1 بند اسمه «المفاوضات» وانما هو «الحوار بين الاطراف السورية» لايجاد خارطة طريق تعيد البلد الى وقف العنف على اساس «جسم انتقالي» تخضع له كل اجهزة الدولة يتلوه انتخابات لمجلس تأسيسي يضع دستوراً للسوريين وليس للحزب الحاكم والعائلة الحاكمة، ثم يجري انتخابات نيابية ورئاسية.
الروس وحدهم هم الذين ابقوا على الاولويات، فكانت جنيف – 2، ومساعي انان والابراهيمي خارج القصة، وكان الاغبى هو الائتلاف والتشكيلات السياسية المعارضة خارج سوريا لانها اصرّت على اخراج طرف هو الحكم من المعادلة.
المطروح الان من موسكو هو «الحوار» وليست «المفاوضات» واستقبلت موسكو عددا من المعارضين، واستقبلت الحكم، وأغلب الظن ان واشنطن لا تعارض اذا كانت القاهرة وعمان تحمل المسعى ذاته، والغريب ان رئيس الائتلاف ما يزال يمارس الغباء فيقول من القاهرة: لم تطرح موسكو صيغة واضحة للمفاوضات.
كل معاهدات السلام في المنطقة والعالم بدأت بالحوار بين الاعداء، وان اخطرها سلام فيتنام فقد تحاور كيسنجر ولي دوك تو في باريس، ثم بدأت المفاوضات بين فيتنام الشمالية والولايات المتحدة لا الفياتكونغ ولا فيتنام الجنوبية.
والمطلوب الان حوار بين النظام والمعارضة برعاية روسية، وتفاهم واسع اميركي–ايراني–سعودي–اوروبي–تركي، ونضع تحت تركي ثلاثة خطوط، لان اردوغان يخطب، ولا يصنع سياسات.
لا يمكن ان تكون داعش والنصرة طرفاً، ولكن من المؤكد ان المعارضة المدنية والمسلحة والنظام هما طرف الحوار، ولا بد ان يتجه الضغط الدولي على الجميع للوصول الى رسم خارطة طريق واضحة تجند الجميع للقضاء على الارهاب اولا.
فقد كان المطلوب في العراق قوة الدولة على الارض، شرط ان تشمل الدولة كل المكونات المذهبية والحزبية، ودعم التحالف الدولي لها من الجو وبالتسليح والتدريب. وهكذا نصل الى عراق دون داعش، وعلينا أن نخلق قوى على الارض السورية تتصدى للارهابيين، ويقوم التحالف الدولي بالاسناد الجوي، والتدريب والتسليح.
الصورة الآن أوضح، وعلينا الاقدام دون.. تردد.
(الرأي)