معاذنا البطل وحسابات داعش الجديده
د. عدنان سعد الزعبي
29-12-2014 03:53 AM
من اقوى الاسلحة التي تعتمدها الدولة في مواجهة تحدياتها والدفاع سياساتها ومسيرتها هي توحد الرؤى والتوجه العام للشعب نحو اي قضية ذات صلة بهوية وكرامة الوطن حاضره ومستقبله بحيث ينعكس ذلك الى الاتفاف الاختياري للشعب حول قيادته وتعاضم الثقة باجهزته ودوائره. وتعظيم الخطوات التي تتخذ في سبيل معالجة اي تحد يفرض وجوده على الساحة المحلية والاقليمية , فالوعي الكامل بالمصلحة الوطنية وتقسيم الادوار (لتقوم كل جهة بدورها بما فيها الشعب ) درع حصين من الصعب اختراقة ومن المستحيل تنفيذ المخططات المعادية له .
خضنا حروب عديده فقدنا فيها شباب كثر وعاد شباب واجهوا رصاص العدو بالصدور والقلوب المفتوحة , واسألوا ارض فلسطين والقدس الشريف , اسألوا الجولان والحرم الشريف اسألوا حطين وميسلون , اسألوا الارض كم خضب دماء ابنائنا ثرى الوطن الطهور .
رحم الله فراس العجلوني وموفق الطيار , رحم الله وصفي وهزاع ومن طالتهم ايادي الغدر والقتل والدمار فحناظلة الاردن ما زالت ارواحهم ترفرف فوق سماء عمان واالرمثا والكرك ومعان وما زال شهداؤنا وهم سادة الشهداء يرفعون كوفياتهم اجلالا لهذا الوطن . رافعين هامتهم خافقة رايتهم , فلا تنحني , ولا تذل ولا تركع الا لله , فهكذا شرفنا وهكذا هي كرامتنا التي ربانا عليها الوطن وتاريخه .
و اجهنا محن كثيرة , وازمات اكبر وتعرضنا لارهاب ذو صنوف متعددة ووقعنا في مآسي متنوعة وكان سر صمودنا وتخطينا تلك الخمرة(ضم الخاء) التي غمست بدماء ابناء الوطن وجبلت مع كل ذرة من كيانه فتجلت مسيرة وفاق وتوحد نحو الاولوية الاسمى نحو هدفنا الاساسي الان الطيار معاذ الكساسبة .
شاب من ابناء الوطن وحد فينا الاولوية ! فمعاذ قام بمهمة رسمية وطنية وادى واجبا عسكريا كأي فرد بقواتنا المسلحة , استجاب للاوامر وامتثل للواجب وانطلق لما امر به بكل احترام . وادب وواجب و مسؤولية والتي اساسها الشرف المهني والتزام العسكرية .
ان اولوية الاجراءات التي نحتاجها في طريق فك اسر الكساسبة تكمن في معرفة واقع التفكير والذهنية التي تدور في ادمغة قيادات داعش ومساحة القبول التي تقبلها معادلة المصالح والابعاد الانية والمستقبلية لاي فعل يتصرفونه ,
فداعش تدرك تماما ان اي خطأ تجاه الاردن سيكلفها الشيء الكثير خاصة وانها تعرف ان الشعب باسره يقف مع القيادة والحكومة في صف واحد في سبيل انقاذ معاذ الكساسبة وهي بهذا الفعل تمنع تكرار الخطأ الكبير الذي ارتكبه الزرقاوي عندما قام بالاعمال الارهابية التفجيرية عام 2005 ,, ففقد الشارع الاردني وتحول الى خصم عاداه الناس باالقول والفعل وانوايا.
ان تركيبة افراد دولة الشام والعراق مزيج معظمه من العراق وخاصة السنة ومن ابناء العشائر العراقية وهناك جزء من ابناء القوات العراقية في عهد صدام , وهؤلاء هم الاكثر قدرة على اتخاذ القرار والاعرف بمضامين ردود الفعل الشعبية والرسمية لاي تصرف قد يصلون اليه وهم على دراية كاملة بدور الاردن ومواقفه المشرفه تجاه القضايا العربية والاسلامية وخاصة قضية فلسطين وقضية العراق وغيرها وغيرها وكيف وقف ويقف الاردن صنديدا يدافع عن الدين والاسلام الحنيف مذكرين موقفنا ابان 11 سبتمبر عندما خاطب الملك العالم باسره ومن بوابة الكونغرس عن وسطية الاسلام وسماحته واعتداله تبعتها خطابات الامم المتحده وعواصم صنع القرار العالمي .
الفكر الاردني الذي الذي انطلق بثوابته واستراتيجياته من مباديء الثورة ضد التتريك والاساءة للاسلام وتشويه صورة العربي والمسلم وقاد جيشه بطولات ضد الاستعمار والظلم ودافع بكل قواه عن مقدسات الاسلام وحارب اليهود بكل ما اوتي ودفع من حق شعبه بالعيش والرفاه والتمتع بالدنيا كغيره من شعوب العالم العربي والاسلامي والدولي كل ذلك مواقف مشرفه لا يمكن ان لا تكون موجودة في حسابات كل من يريد التفكير بالاردن او باحد ابنائه .
داعش تدرك الان ان اللعب بالنار على ورقة معاذ سيؤدي الى تغيير استراتجية التحالف والتصميم على محاصرتها خاصة بتجفيف مصادر التمويل والضغط باتجاه الجهات التي ترعى داعش جنبا الى جنب مع تقوية دولة العراق والبشمرقة وتسليحها بعد ان خصص الكونغرس مليار دولار لذلك وتوحيد موقف دول الخليج جميعها لمحاربتها اضافة الى وضع استراتيجية ميدانية لانهاء الدولة الاسلامية .
حسابات متعددة واعتبارات كثيرة تقفز امام قادة داعش في اي قرار يريدون اتخاذه. فمعاذ ليس كالصحفيين الذي قتلوا على يد داعش , لان الاساءة الى معاذ يحتاج عندها الى اجوبة منهم وبشكل علنى وصريح :- من هم ؟ ومن اتى بهم ؟ وماذا يريدون من الاسلام والمسلمين . فوالد معاذ ناشدهم بروح الابوة الصادقة والاسلامية السمحة التي عفى بها الرسول صلى الله عليه وسلم عن اهل مكه يوم الفتح العظيم خاصة وان الاساءة لمعاذ لا يحقق لفلسفة داعش وقادتها اي منفعة او مصلحة .
ان الاساءة لمعاذ يعني موقفا اردنيا متكاملا ينهي وجود اي تعاطف معهم ان وجد وبنفس الوقت يؤلب الكبير والصغير الشيخ والصبي الذكر والانثى تجاه اي تصرف قد يسيء بالاساس لسمو الروح الاسلامية في التعامل مع الاسرى , كمعاذ شاءت الاقدار ان تتعطل طائرته ويقع بين يديهم .
يجب على داعش ان تعرف ان لها انصار في الاردن وان لها محكومين في سجون الاردن , وان مصلحتها العظمى في التعامل مع معاذ معاملة الاسرى وبالشروط التي طبقها الرسول الكريم على الاسرى في معركة بدر , فالاوجب على ادارة داعش ان تتقن لغة الاستثمار والاستفادة الكبرى من هذا الوضع , وليس بعيدا عن مطالبتهم بالشخصيات الهامة التي حكم عليهم في الاردن اضافة لتحرير ساجده العراقية التي قادة حملة تفجيرات عمان تلميذت شيخهم ابو مصعب الزرقاوي .
فهل ستشهد الايام القادمة تصرفا عقلانيا لقادة داعش وهل ستبعث داعش برسالة قد تثير التساؤل بين المسلمين جميعا ام ستسيء التصرف وتبعث برسالة لا تعكس سوى قصر النظر والتفكير وسودواية الرؤى . لا شك ان الايام القليلة القادمة سوف تشهد نتائج دراماتيكية في هذه القضية .معاذ مثلي ومثل باقي البشر الذين كتب الله لهم ارواحهم في اللوح المحفوظ فهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون فمنهم من مضى ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا صدق الله العظيم فلنتق الله ولنتوكل عليه فهو خير الراحمين . .