حين هزّت عمان انفجارات الفنادق. وسقط العشرات من روادها، استمعنا الى وشوشات عمت الاردن تقول: كانت هناك اجتماعات للموساد في هذه الفنادق.. وكانوا هم الهدف وحين نشر البيان الرسمي أسماء الشهداء اكتشفنا أن أكثرهم من جنين كانوا يحتفلون بعرس أحدهم. واكتشفنا أن الضيف العظيم ليس ضابط موساد وإنما هو مصطفى العقاد صانع فيلم «الرسالة»، و«عمر المختار» وابنته القادمة من بيروت لتلتقيه هنا في عمان.
وتوقفت الوشوشات مع أن الذين يعرفون الهدف منها يعرفون من كان وراءها، حتى كان عزاء الزرقاوي.. صانع مذبحة الفنادق، وإذ بنواب من مجلس الأمة يحملون «أحزانهم» إلى الزرقاء، ويعزون بـ«الشهيد».. ويعلمون الذين ليسوا على علم بأنه شهيد يشفع لسبعين من أهله.
وفي معركة الإرهاب في سوريا، يتجنّد أهل الوشوشات ذاتهم لأهل «النصرة» و»داعش»، ويرفضون حين يصل الدم الى الركب استنكار ما جرى في الموصل وسنجار من قتل الايزيديين، وسبي نسائهم وطردهم من بيوتهم، وطرد وقتل كل من لا يبايع البغدادي: مسيحيين، وشيعة، واكراد.. ومسلمين فالمسلم لا يكون مسلما اذا لم يبايع بالخلافة.
لا يؤيد المتعاملون مع وطنهم بالوشوشات، داعش والنصرة علنا، لكنهم ايضا لا يستنكرون فظائعهم، هم ليسوا مع الدولة في حربها على الارهاب، وهم لا يعتقدون ان المعركة مع الارهاب هي معركتهم، فلاول مرة نسمع ان حزبا ما في الاردن يعلن انه لا علاقة له بسوريا والعراق، وحين تنقبض قلوب الاردنيين على ابن كالوردة يقع بين ايدي الوحوش تسمع كلام التشفي: الم نقل ان هذه الحرب ليست حربنا؟
هذه «التقيّة» ليست خلقا دينيا وفي اي دين: يقولون ما لا يفعلون، وهي ممارسة للتحيز المخزي، وللجبن وعدم حمل المسؤولية الاخلاقية، فاستشهاد عشرات في فنادق عمان، يمكن تغطيتها باسم «الموساد» فاذا قيل انهم كانوا في عرس منعهم الموساد من الاحتفال به في جنين، نسمع انهم ليسوا شهداء فهم قتلوا في الفنادق وليس في الخنادق، واذا قيل ان الفاعل مجرم، لانه قتل النفس التي حرّم الله، نسمع انه شهيد وأنه يشفع لسبعين من اهله.
نحن لا نحرّض الدولة على احد، ولكننا نخشى على بلدنا من انتاج داعشيين يقتلونا ويسبون نسائنا، و«يطأهن» و«يباشرونهن» ويبيعونهن، ويتهادونهن، ونرفض ان نفتح الاردن للجرائم والدم والدمار.
(الرأي)