مـن هـو شـخصيـة هـذا العــام .. ؟!
حسين الرواشدة
29-12-2014 03:38 AM
من يستحق أن يكون شخصية العام 2014؟ الفكرة ليست جديدة، فقد دأبت بعض الصحف الغربية على طرح هذا السؤال نهاية كل عام، ووضعت مواصفات محددة للترشيح والاختيار، في هذا العام 2014 مثلا اختارت صحيفة “ التايمز” اللندنية زعيمة المانيا انجيلا ميركل كشخصية تستحق.
“ التكريم” فهي كما – ذكرت-” المرأة التي نريد في عالم مليء برجال خطرين”، فيما اعلنت مجلة “تايم “ الامريكية ان “مكافحي” مرض ايبولا يستحقون مجتمعين ان يكونوا شخصية العام2014، اما في عالمنا العربي فقد تولت بعض الصحف والمواقع الاخبارية هذه المهمة، لكنها كالعادة لم تتوافق على شخصية معتبرة – سواء محلية او عربية – لنيل هذا اللقب، والاسباب بالطبع مفهومة، وهي لا تتعلق ابدا بفقر دولنا ومجتمعاتنا لشخصيات تركت تأثيرا على واقعنا، او لاحداث شكلت منعطفات في تاريخنا، وانما تتعلق بحالة الانقسام التي نعاني منها، وغياب الديمقراطية عنا، وضعف ذاكرتنا الشعبية، وانشغالنا بأزماتنا اليومية، وغياب قدرتنا على حسم أية اجابة ..حتى لو تعلقت بمواصفات شخصية او حدث يستحق الاختيار.
أردنيا، لا استطيع ان أغامر بترشيح او تحديد اسماء معينة، او حتى ان اشير الى احداث يمكن ان تحظى بهذا اللقب، لكنني استأذن في وضع بعض المعايير والمواصفات التي تساعدنا في ترشيح او اختيار هذه الشخصية، اذا كان مثلا محسوبا على المجال السياسي يفترض ان يكون “نموذجا” في النظافة والنزاهة والاستقامة والشجاعة، وصاحب قضية وطنية له سجل من المواقف التي اثرت في واقعنا، ومبادرات ساهمت في خدمة مجتمعنا وتقدم بلدنا، ومن مواصفاته ايضا ان لايكون مختلفا عليه، وان يحظى بتوافق اغلبية المجتمع على اختلاف اتجاهاتهم ومواقفهم، وان يكون ملهما للاجيال القادمة.
هذه المواصفات يمكن ايضا(مع بعض التعديلات والاضافات) ان تنطبق على المثقف والفنان والعالم الديني، لكن ثمة شخصيات اخرى قد تدخل في هذا السباق، خذ مثلا العامل والمعلم والمهني، كما ان ثمة احداثا كبرى قد تستحق هذا اللقب، وعلى الجانب الاخر ثمة نوازل وازمات وزلازل سياسية عصفت ببلداننا ويمكن ادراجها في هذا المزاد.
مهما تكن الشخصية التي نرشحها فان الهدف الذي يجب ان يكون حافزا للاختيار هو ان تكون “ملهمة” لنا، سواء من اجل تكريمها او الاقتداء بما قدمته وفعلته، او من اجل التأثير الذي تسببت فيه، صوابا كان او خطأ، وهنا يمكن ان يكون اختيارنا لافضل شخصية تنسجم مع امنياتنا وطموحاتنا او لاسوأ شخصية صدمتنا واثرت في حياتنا، وربما استحقت لعناتنا..!
على صعيد عالمنا العربي، ثمة شخصيات عديدة كان لها دور فاعل في احداث هذا العام، خذ مثلا الغنوشي في تونس واردوغان في تركيا وعلى الطرف الاسوأ خذ البغدادي والحوثي وغيرهما، وثمة تجارب عربية ايضا كانت ملهمة لنا، خذ مثلا التجربة التونسية، والتجربة الايرانية في التفاوض، وتجربة غزة في الصمود ضد العدوان، وفي الاتجاه المعاكس خذ التجارب الكارثية في العراق وسوريا وليبيا واليمن..الخ ، الاولى تستحق ان تكون الافضل والاخرى تستحق ان تكون الاسوأ، وخذ ايضا الاهوال التي عصفت بنا : شخصية التطرف والعنف التي مثلتها داعش، وشخصية الطائفية والمذهبية والكراهية التي انتجها اعلام لا يخشى الله وانظمة ظلمت شعوبها ، وشخصية الثورات المضادة التي قلبت اوضاعنا واعادتنا قرونا الى الوراء.
وسط كل هذه الفوضى التي خلطت الاوراق والصور والمواقف، وقدمت شخصيات مثيرة ومؤثرة اغلبها قادنا الى “الخراب” ، يمكن ان نفكر في الاجابة على سؤال من يستحق ان يكون شخصية هذا العام، الافضل او الاسوأ، لكن لا بد ان نتذكر بأن أمتنا اليوم بحاجة الى شخصية تلهمنا الصواب والخير وتدلنا على الطريق الذي يخرجنا الى نهاية النفق، كما ان بلدنا يحتاج الى مثل هذه الشخصية التي تحظى بتوافقنا واحترامنا وتقديرنا، وتستطيع ان تعيد إلينا الهمة والامل، وتأخذنا الى طريق السلامة أيضا.
(الدستور)