الرغبة أم الفكرة .. *ناهض الوشاح
27-12-2014 03:05 AM
حين تجلس مع نفسك لبضع دقائق ... بماذا تفكر ؟!
بأمس مضى ... وفعلت فيه كل ما يمكنك فعله ... أم بغد تركض نحوه دون الانتباه لإشارات الكون من حولك ... لتربح ما قد يكون في متناول لهفتك ... أو لتعيد ترتيب ما حلمت به على مائدة التأمل ... حين لا يكون هناك غيرك المعني الوحيد في حياة لم يعشها أحد سواك . ظننت أنها مغامرة . وكانت بالفعل (ما تبحث عنه يبحث عنك ) .
تُحاول التنصل من معمعة الحاضر ... أخبار باهتة وأنت تُعد فنجان قهوتك ... الرشفة الأولى تجري بك نحو صحو غائم تشد أصابعك نحو العبث بأزرار الجهاز الملقى أمامك منذ ليلة باردة أمضيتها تُشعل الكلمات وتطفئ السجائر . كرجل مملوء بالرعب لا يستطيع سحق صرصور بقدمه ... فمن يسحق شيئا أصغر منه ... لا بد أن يسحقه شيء أكبر منه .
تحاول تناسي ما تمليه الصحف من قرارات وارتفاعات وزيارات ... أما آن لك أن تقتنع أنهم يعاملوننا ككيانات في العدم أو كحشود بشرية قيمتها الوحيدة فيما تُصغي وتفعل ما تؤمر وستجدنا من الطائعين . هكذا همست في سرك . وأطبقت شاشة جهازك وأنت تطبق شفاهك على ما تبقى في فنجان قهوتك .
لا مجال للتأمل أكثر ... فالساعة تسير حتى وأنت واقف مكانك ... ما عادت الدهشة تنطلي عليك ... فكل ما حولك يضج بالصمت حتى وان سمعت الناس يتبارزون بتحيات تكاد تخرج من حلوقهم بشق الأنفس ... الكل في سباق نحو أعمالهم . السماء لا ينظرون إليها ... لأن عيونهم ملتصقة بوحل عالق في أحذيتهم .
تجري كما الجميع ... تُقنع نفسك أن مقاومة البؤس بالركض صوب شيء تستحق من أجله الحياة ... تتماهى في العمل والكد ... ترضى بالقليل ... وتقول سيكون هناك الكثير في النهاية ... والنهاية غير معروفة ..
المعاناة مازالت قائمة شوكة في حلق تزاحمنا نحو الخلاص ... ولا خلاص إذا أدمنا المشاهد الرديئة ... و الكلمات الرديئة ... والكتب الرديئة ... والزمن الرديء .
تسرقنا الأعوام والسنون وقد راكمنا ما لا يُحصى من تفاهات تستخف بعقولنا ... وتسحقنا تحت وقع الأحذية الخشنة التي تملأ الأدمغة الشعبية ... التي لا ترى أكثر من أنفها ... أنفها الذي تعود على الرواح النتنة .
أعرف أن المسالك صعبة ... لكن لحظة تأمل واحدة تجعلني أقتنع ... أن تكون موجودا ليس دليلا قاطعا على أنك حي .