facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هذا هو استغفاري!


ماهر ابو طير
26-12-2014 03:29 AM

الشمس تقترب من المغيب، والوقوف في وسط البلد، بحثاً عن سيارة تاكسي يوم الخميس، يشابه البحث عن ابرة وسط كومة قش.

ساعة ربما، حتى توقف احدهم، وكاد ان يقفز الى السيارة مائة شخص آخر، صعدت الى السيارة بجهد جهيد، والسائق خمسيني، وفي الطريق، كلام في كلام، فما بالنا حين يجتمع سائق تاكسي، مع صحافي، فيصير تدخل الامم المتحدة لازما لوقف الثرثرة بلا حساب.

ولان الكلام متشعب، والكل فينا يعرف شيئا، عن الدنيا والاخرة، بدأ صديقنا بالكلام عن اخوته السبعة، شاكيا لي حقدهم عليه، واذ اسأله عن السر يقول كلهم اثرى مني، وكلهم اصحاب مال، وانا الوحيد الذي اعيش في غرفتين مستأجراً واعمل سائقا على تاكسي ليس لي، ودخلي الشهري لا يتجاوز في احسن الحالات الاربعمئة دينار.
برغم ذلك يحسدونه، وهو افقرهم، واذ تسأله اكثر واكثر، يقول لك ان امه الراحلة كانت تحبه اكثر واحد بينهم، وهم كانوا يظنون انها تحبه لانه افقرهم او اضعفهم، حتى ردت عليهم الام ذات اليوم، بأنها تحبه لانه الاكثر ارضاء لها، رضي هو، بما تعنيه الكلمة.

اخوته شعروا بصعقة، لانهم كما يقولون لم يكونوا يقصرون معها، واذ يستدرجك الرجل لتفاصيل حكايته تكتشف، الفرق بينه وبين اخوته، فهو فقير ولا مال لديه، لكنه يزور امه ثلاث مرات يوميا، صيفا شتاء، يبدأ نهاره بها، يذهب اليها، ويقوم بإطعامها افطارها، ومعه زوجته التي تساعدها في تغيير ملابسها، وتنظيف غرفتها صباحا، ويقوم بوضع ادويتها في يده ويسقيها الماء، ثم يخفف الام قدميها، وتحديدا منطق باطن القدمين، فيجلس كل صباح لساعة، وهو يجري تمارين خاصة لها، حتى يخف الالم، فيبدأ نهاره، وعند الغداء يعود اليها بذات الطريقة، ولا يعود الى بيته الا بعد ان يزورها ويتأكد من امورها، بذات الطريقة، وهي التي تسكن وحيدة ولا ترضى ان تذهب الى بيت احد من اولادها.

بقية الفريق يزورون امهم مرة في الاسبوع، يعطونها المال، عبر وضعه تحت المخدة، يجلسون نصف ساعة، وهم يتأففون، باعتبارهم ضيوفا، ولا يبقون طويلا، وبعضهم لا يسأل عنها لا في منخفض ثلجي، ولا في شتاء، زوار غرباء، برفقة زوجات بلا قلب، ينتظرن على الاغلب ذات المصير مستقبلا، اي الهجر والعقوق.

فقره انتصر على غناهم، خادم هو لأمه، ويقول ان الفقر مرات نعمة، فهو يجعلك تبحث عن الطريق لبر امك وابيك، غير المال، والوالدان بحاجة الى احسان ومعاملة طيبة، وهم يمتلكان قدرة عز نظيرها على قراءة مشاعر الابن او الابنة، دفقات القلب، فتعرف الام في هذه الحالة اي اولادها يحبها حقا، الذي ينثر المال على فراشها معتبرا انه ادى واجبه، ام ذاك الذي يجلس عند قدمها بعد كل صلاة صبح، ليعالجها علاجا طبيعيا خفيفا رحمة فلا يتكبر.

يقول صديقنا، ان كل ساعة من صبح او ظهر او ليل، يعود فيها الى امه، لا يضيع رزقه فيها، اذ كلما خرج من عندها، بعث الله اليه راكبا يدفع اليه ضعف ما يستحق واكثر.

غرباء بتنا، فأكثرنا يجافي الأم والأب، زيارة في اسبوع، هاتف كل اسبوع، قرش ينثرونه من اطراف ايديهم، فيما الاب والام بحاجة الى ما هو اكبر، الحب والعطف والحماية، كما لو عادوا صغارا، ولان السر في الاب والام، لايحرمهما الله بعد رحيلهما حتى، فالصدقة عن الاب والام، والدعاء، يصلان لهما، فياله من مفتاح عظيم.

لكل هذا يغارون منه، يحملون عليه، برغم انه افقرهم، ولانهم اثرى واغنى، ولانه بحسن معاملته لأمه، حاز الرضى وفوق الرضى، وهم كانوا يظنون ان القصة دنانير منثورة فوق فراشها فقط.

أنزلني وقال لي في وداعي: ياهذا هي استغفاري، امي استغفاري عند الله، وعلى كل واحد ان يبحث عن شخص يكون استغفاره عند الله!.
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :