رؤوف ابو جابر سنديانة أردنية عريقة
أ.د. عصام سليمان الموسى
25-12-2014 05:39 PM
بعد أيام، يحتفل الأردنيون بالعيد التسعين لسنديانة وارفة فروعها خضراء عالية في السماء وجذورها عميقة في الأرض.
الدكتور رؤوف ابو جابر غني عن التعريف، فمن لا يعرفه كرجل من رجال الاقتصاد الناجحين الذي بنى العديد من المؤسسات ووظف المئات من الأردنيين، يعرفه كمؤرخ دون تاريخ الأردن الاقتصادي في القرن الماضي، او كمؤرخ اجتماعي كتب عن العائلات والأفراد الذين أسهموا في نهضة الوطن، او كرئيس المجلس المركزي الأرثوذكسي في الأردن وفلسطين المنتخب يدافع عن عروبة الكنيسة الأرثوذكسية كما يعمل على توفير الدعم لتثبيت العرب في مدينة القدس وصيانة المباني القديمة هناك.
والى هذا فهو شخصية ذات حضور ثقافي مؤثر: حاز على شهادة الدكتوراه من اوكسفورد عام 1987 وكتب اربعة عشر كتابا ذات صلة بتاريخ الوطن، كما وكتب تاريخ عائلته في اليادودة والسلط والناصرة.
كتب له والدنا عند صدور كتابه (العرب المسيحيين في القدس) قائلا: «أعرب لكم عن بالغ اعجابي بمواهبكم المتعددة التي قلما اجتمعت لإنسان واحد، فأنتم رجل عمل من الطراز الأول، وأنتم في الوقت نفسه رجل فكر ثاقب وعطاء ثقافي عميق. وأنني والله اعتز بصداقتكم واباهي بمحبتكم» (نيسان 2002).
حين تتفيأ ظلال تلك السنديانة تكتشف عودا صلبا يسمق بها، يعبق منه تاريخ أسرة ناضلت وكافحت في بناء الوطن، واقامة الصداقات مع رجال العشائر الأردنية، والتقريب حينما تدب الخصومة العابرة بينهم، ومساعدة الفقراء أيام المحل والشدة، وترك أبواب المضافة مفتوحة على مصراعيها في الليل والنهار تستقبل الأصدقاء والمكروبين، ومد يد العون للمهجرين الهاربين من السلط حين عاد اليها الجيش العثماني منتقما في الحرب العالمية الأولى بعد ان احتلها الانجليز ثم أخلوها، وفوق هذا كله مسيرة النضال المتواصل للحفاظ على عروبة القدس والكنيسة الأرثوذكسية.
وفي فيء تلك السنديانة الصلبة، وعزة النفس الوقورة، لا تستغرب كثيرا ان تكتشف ان الدكتور رؤوف يرفض منصب الوزارة.
في ندوة أقامها منتدى شومان بحضور كثيف قبل فترة وأدارها المؤرخ الدكتور علي محافظة، دار الحديث فيها عن واقع المسيحيين العرب في ظل الأحداث البربرية التي تشهدها المنطقة، قال الدكتور رؤوف في مداخلة له انه واثق كمسيحي «عتيق» يتحدرمن جذوة عربية غسانية تمازجت مع قيم الثقافة الاسلامية بأن الغيمة السوداء التي تعصف ببعض أرجاء الوطن مآلها الهزيمة والزوال لأنها ضد مسار تاريخ العرب المسلمين..
مع قرب حلول عيدك ندعو لك يا سنديانة اردنية وارفة العطاء بالعمر المديد.
(الرأي)