الدولة الفلسطينية ومجلس الأمن
د.حسام العتوم
23-12-2014 02:17 PM
الأردن يتصدر الدول العربية في تقديم مشروع القرار الفلسطيني لمجلس الأمن لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية مع نهاية عام 2017، وبهذه الخطوة الرائدة يعود الأردن لموقع الصدارة في تقديم العدم والمساعدة للاشقاء الفلسطينين من دون أية مطامع جانبية، وهو الدور الذي حمله في عمق عمون التاريخ المعاصر عندما مثلت فلسطين الجناح الغربي من مملكته قبل ان تقرر قمة الجزائر عام 1973 اعتماد منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً وحيداً للشعب الفلسطيني والعمل على التحرير الكامل لجميع الأراضي العربية المحتلة اسرائيلياً عام 1967 بما في ذلك القدس، وتم الدفع عربيا بالأردن تجاه التخلي قانونيا وإداريا عن الضفة الغربية. كتبت الدكتورة مديحة المدفعي في كتابها (الأردن وحرب السلام مقالا: في الحادي والثلاثين من تموز 1988 اعلن جلالة الملك الحسين المفدى فك الأرتباط القانوني والإداري بالضفة الغربية المحتلة، وكان القرار نقطة تحول في مسيرة السلام في الشرق الأوسط، وفي ص185 منه كتبت الدكتورة المدفعي تقول: (اننا نسعى لتسوية وليس اية تسوية او سلام بأي ثمن، فالتسوية التي لا تحل القضية الفلسطينية او مسألة الجولان ولا تعترف بحق اسرائيل والأردن أو لبنان بالوجود ضمن سلام معقول مع صدور معترف بها ليست تسوية على الاطلاق، ذلك ان قوى الطبيعة سوف تعمل على احباطها قبل التوقيع عليها)، وبناء عليه وخلافا لبيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرافض لمشروع القرار الفلسطيني هذا فإن احدا من الفلسطينيين او العرب ليس عازما على التنازل او التفريط بحق العودة وفقا للقرار الدولي 194 وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس المحتلة عام 1967 ورفض الاستيطان، لذلك لا يجوز استباق الاحداث والتجديف بالنوايا بالاتجاه غير الصحيح وكلنا اهل، وبالنسبة للأردن تحديدا فإن في قيام دولة فلسطينية معترف بها فلسطينيا واسرائيليا وعالمياً هي مصلحة اردنية عليا والأردن معني مباشرة بالحلول النهائية المتمثلة في الحدود والماء والأمن والاستيطان.
صفحات التاريخ تذكر بأن الملك فهد 1981 كان صاحب اول مبادرة عربية تدعو لتفكيك المستوطنات اليهودية من الأراضي العربية واليوم اقف انا مع اخلاءها من ساكنيها اليهود المهاجرين إلى فلسطين وأرض العرب من شتى بقاع المعمورة لتصبح بيوتا جاهزة لمن ابعد عن ارضه ووطنه هنا في فلسطين والجولان ومزارع وتلال شبعا. كتاب الملك عبدالله الثاني ابن الحسين (فرصتنا الاخيرة – السعي نحو السلام في زمن الخطر ص19 تحدث عن مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبد العزيز ال سعود مبادرته للسلام إلى مؤتمر القمة العربية في بيروت في العام 2002 وتم تبنيها تحت اسم المبادرة العربية، حيث دعت إلى الانسحاب الاسرائيلي الكامل من كل الأراضي العربية المحتلة منذ العام 1967، وإلى التفاوض على تسوية لمسألة اللاجئين الفلسطينيين، وإلى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، مقابل ذلك قالت الدول العربية الاثنتان والعشرون انها تعتبر (الصراع العربي – الاسرائيلي منتهيا، وستدخل في اتفاق سلام بينها وبين اسرائيل يحقق الأمن لجميع دول المنطقة، بالإضافة لاقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل في إطار السلام الشامل، وهنا يقول الملك عبدالله الثاني بأن دهشه اصابته بسبب رفض اسرائيل وبعض اعضاء الادارة الامريكية لهذه المبادرة بالمطلق، ويضيف الملك عبدالله الثاني قائلا هنا بأنه تبين له بعد مباحثات معهم انهم لم يكلفوا انفسهم حتى قراءتها.
تسعى دول عالمية هامة هي اعضاء في مجلس الامن قادرة على التصويت على القرار الفلسطيني السيادي الهام هذا رغم ان الولايات المتحدة الامريكية راعية السلام حاليا في الشرق الأوسط وللملف الفلسطيني الاسرائيلي تحديدا بدأت تلوح من واشنطن باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مثل هكذا قرار يطالب اسرائيل بالانسحاب إلى خلف خطوط الرابع من حزيران والمعلوم بأن قوة الفيتو للدولة الواحدة التي تمتلكه توقف العمل بالقرار نهائيا وتحوله إلى سراب فلماذا هي الحرب على الفلسطينيين اشقائنا من اكثر من طرف؟ وماذا لو كانت (اسرائيل) هي الضحية والمحتلة عربية فكيف ستكون ردود الفعل الامريكية؟
ومن ثم لماذا لا يكون راعي السلام عادلاً ومنصفا؟ ولماذا يتمادى اكثر ويقف من جديد في وجه عمل اللجنة الرباعية الدولية التي تشمل روسيا فيما عطلت كل مساعيها للسلام سابقا؟ روسيا الان تسعى جادة لتثبيت ارجل السلام حول القضية الفلسطينية والأراضي العربية الأخرى المحتلة وتدعو لاحياء (الرباعية) وهو ما ورد على لسان سفير روسيا الجديد في عمان باريس بالوتين اثناء مقابلة وكالة الابناء الأردنية بترا له في مبنى السفارة تاريخ 15/12/2014 اكد من خلالها رفض امريكا عقد اجتماع وزاري للجنة بهدف اعاقة عملها وعدم اعطاء اي دور هام لروسيا في ظل اندلاع الحرب الباردة الجديدة من طرف امريكا واوروبا وهي التي ترفضها روسيا منذ انهيار النظام السوفيتي عام 1991، لكنها اي روسيا تجد ذاتها مجبرة الآن على المعاملة بالمثل وزيادة قراراتها العسكرية الدفاعية وهو ما اكده الرئيس بوتين في الاحتفال بيوم الامن الروسي 20 الجاري بسبب التعالي الأمريكي عليها وعلى قضايا العالم الساخنة والاصرار على التمسك بسيطرة القطب الاحادي على العالم ورفض عالم الاقطاب المتعددة.
جملة وتفصيلا رغم انه يقسم مصالح الدول ويلغي تقاربها ويرسخ التعاون والمحبة والسلام.
من جديد يمكننا القول هنا بأن مفاتيح قيام الدولة الفلسطينية وبحضور الجهود الأردنية المتقدمة والملاحظة والامريكية كذلك، وجهود دول (الرباعية) سابقا (الولايات المتحدة الامريكية وروسيا والاتحاد الأوروبي والامم المتحدة) اصبح فقط بيد اسرائيل واللوبي الصهيوني ممثلا في مؤسستي الايباك American Israel Public Affaris Committee والكونغرس الامريكي، وبطبيعة الحال فإن اسرائيل لا ترضى بدولة فلسطينية بجوارها بوزن ديمغرافي يتجاوز العشرة ملايين فلسطيني إذا ما ارادت القبول بحق العودة، وهو الذي ترفضه بالطبع وتفضل تحويله إلى لغة (التعويض)، وهي أي اسرائيل ولوبيها الصهيوني
(Sionist Loby) تسطير ايضا على المحاكم الدولية الجنائية التي تشكل المخرج الاخير والأول المتبقي من لعبة شطرنج القضية الفلسطينية، وتحاور الفلسطينيين في غياب التوازن العسكري الواضح معهم وحتى مع العرب وإيران والله من وراء القصد وهو ولي التوفيق.