نشرت عمون كلاما منسوبا لسعادة سفير المملكة المتحدة لدى مملكتنا يعرب فيه عن ألاسف لتنفيذ حكم الاعدام بحق احد عشر محكوما بهذه العقوبة منذ عدة سنوات ، مضيفا ان الاعدام الذي لا تعمل به بلاده ً يحط من كرامة الانسان ً ، وحاثا حكومتنا على عدم مقاربة هذه العقوبة مستقبلا .
يملك السفير ميليت المحترم أن يعبر عن رأيه الشخصي في هذا الامر وسواه ، ونملك نحن في المقابل الامر ذاته ، وعليه ، فأن ما جرى كان تحقيقا للعدالة في اصدق تجلياتها عندما تكون منسجمة مع شرع الله سبحانه ، وعندما تكون قصاصا بقدر الجريمة ذاتها ، فجزاء القتل هو القتل ، وبمقتضى القانون والمحاكمات العادله .
أما إشارة السفير المحترم الى ما وصفه بالحط من الكرامة الانسانية لمن نفذ بحقه حكم الاعدام ، فهي إشارة يجب أن لا تتجاوز التساؤل كذلك ، عن الكرامة الانسانية للضحية الذي هدرت حياته هو الآخر ، ولسبب لم يقتنع القضاء بأنه مبرر للقتل ، وهنا تخضع الكرامة الانسانية لمبدأ ً البادئ اظلم ً، فالضحية لا بد قتل ظلما ، ومؤكد ثكلت بموته أسرة واطفال واب وام واقارب كثر .
نملك ان نؤكد لسعادة السفير المحترم ، ان القرار بالاعدام ليس بالامر الهين على الاطلاق ، وان القضاء لم يكن له ان يحكم بذلك بسهولة ابدا ، وحتى تصديق الحكم ، فلا بد وبالضرورة كان غاية في الصعوبة والمشقة على النفس ، فلا احد يمكن ان يقدم على ذلك بيسر ، ولا بد ان ذلك تم وبنفس تتمنى لو انها لم تواجه ظرفا كهذا ، لكن الامور سارت على هذا النحو ، فإما ان تطبق العدالة مع قسوة القرار على النفس ، او ان لا تطبق ، مع ما ينطوي عليه ذلك من قسوة على النفس ايضا ، برغم الحزن الذي ينطوي عليه هكذا حكم ، ولا احد في الاردن إطلاقا ً سعادة السفير ً ، يرغب بأن يوضع في ظرف من يصدر او يصدق قرار حكم كهذا ، لكنها حقوق الناس التي لا يملك احد ان يقفز عنها ، خاصة عندما يرفضون التنازل عن دماء ابنائهم ، وينتظرون تطبيقا امينا للعدالة ، وإلا فإن المشكلات ستتفاقم اكثر واكثر ، وربما تحصد ارواح ابرياء آخرين ، وهذا ما لا يتمناه او يقبل به احد ، لا بل فإن الحكمة تقتضي درء المخاطر وعبر ميزان العدالة ذاتها .
عندما يكون الحكم ممتثلا لشرع الله ، فلا جدال فيه ، حتى وإن كان وقعه صعبا على المشاعر ، ولسعادتكم ان تتذكروا ان الاردن جمد حكم الاعدام طويلا وابقاه بلا تنفيذ لسنوات عديده ، آملا ان يستمر هذا النهج الى الابد ، الا ان الظروف المتصلة بتنامي الجريمة وبالذات جرائم القتل ، لا بد وانها المبرر الذي املى على صاحب القرار تفعيل التطبيق ، عل ذلك يكون ً وهو كذلك بالضروره ً رادعا قويا يحول دون إرتكاب المزيد ، عندما تكون العقوبة معروفة سلفا لكل من قد يفكر او هو قد يستهين بحياة انسان آخر .
نترحم على ارواح الجميع ، الضحايا الذين فقدوا حياتهم أبتداء ، ومن تم تنفيذ الاعدام بهم اخيرا ، ونعزي اهاليهم جميعا ، ونسأله تعالى ان يلهمهم الصبر ، وان يجعل ما جرى خاتمة للخصومات والعداوات والاحقاد ، وان يديم على بلدنا نعمة الامن ويحفظ اهلنا الاردنيين جميعا من كل سوء ، انه سبحانه سميع قريب مجيب الدعاء ، فإذا ما كنا نحزن على إعدام احد عشر إنسانا بموجب القضاء ، فإننا نقف باحترام امام حكم الشرع الذي يطهر نفوسنا جميعا من كل حقد ، ونقدر بالضرورة وقع الحكم المنفذ على ذوي من أعدموا واسرهم وعلى الناس جميعا ونحن منهم ، لكنه العدل والحق ، والضرورة التي لا قدرة لاحد ان يجافيها .
لكم خالص الاحترام سعادة السفير ، ولكن يبدو ان الصواب لم يكن من نصيبكم هذه المره ، ونحن وأياكم نعزي بحرارة ومشاعر صادقة بإذن الله اسر وأهالي من أعدموا ، ومن قتلوا على ايديهم إبتداء ، ونبتهل اليه جلت قدرته ، ان يعظم اجرهم جميعا ، وعذرا سعادة السفير ، فاهل مكة أدرى بشعابها ، تماما كما انتم ادرى بشعاب بلادكم ، ولك تحياتي .