تحفل جبعة أبو عرب بعد عودته من خارج الوطن بالكثير من الحكايات والأحداث التي يرويها ، وتحديدا من دول لا تتبع العالم الثالث أو الرابع وهي البلاد التي درجت تسميتها " بلاد برّة " ، وتدور إما عن دفع قيمة مخالفة كبيرة بسبب إلقاء منديل ورقي خارج حاوية القمامة ، أو التوبيخ الذي ناله من أحدهم بسبب إخلاله بطابور دور منتظم ، أو نظرات استنكار وجهت له بسبب تصرف ما بَدَر عنه ، أو " بَرشة " أدبية لحقت به لتدخينة سيجارة في مكان عام .. وغير ذلك كثير ، وينهي أبو عرب رواياته المضحكة المبكية عما تعرض له ، أو قام به ، أو سمع عنه في بلاد برّة ، بالتحسر بسبب تدني مستوى النظافة في متنزهات وشوارع بلاده ، مقابل النظافة المدهشة في بلاد برّة ، وعن التدافع والتلاسن أمام المؤسسات والجهات في الأماكن التي تتطلب الانتظار بالدور في بلاده ، مقابل الطوابير التي تضاهي طوابير الجند انتظاما وسكونا في بلاد برّة ، وعن الضجة والضوضاء التي تسيطر على أحياء بلاده ، مقابل الهدوء الشامل الذي يلف كل مكان ودون أي ضجيج في بلاد برّة .
الغريب أن أبا عرب في بلاد برّة احترم الوقوف بالدور وشاهد بأم عينيه أهمية ذلك ، وتنزه في حدائق عامة نظيفة ، والتزم بقوانين السير ولم يخفي إعجابه بذلك ، ورأى أهمية الهدوء وانتظام حياة الآخرين ، لكنه في بلاده اكتفى بالتحسر على ما يجري فيها ، وأعفى نفسه من أي مسؤولية ، وتنصل منها ، بل وحمّلها لغيره .

أسأل نفسي وأسأل صديقي الحميم أبو عرب : هل ما يليق ببلاد " برّة " لا يليق ببلاد " جوّة " ؟ .

haniazizi@yahoo.com