غرفة الإعدامات تفتح أبوابها
فهد الخيطان
22-12-2014 02:55 AM
بعد 8 سنوات على تعليق عقوبة الإعدام، نفذ جهاز الأمن، فجر أمس، وجبة إعدامات طالت 11 محكوما من أصل 112 في السجون الأردنية.
كان آخر حكم إعدام نفذ في الأردن العام 2006. ومنذ ذلك التاريخ، جرى تجميد العقوبة من دون إعلان رسمي، أو إجراء أي تعديل على قانون العقوبات الذي ينص على هذه العقوبة في جرائم مختلفة.
لم تقدم السلطات الحكومية تفسيرا رسميا لقرار تعليق عقوبة الإعدام خلال تلك السنوات. لكن في الجلسات المغلقة، كان المسؤولون يشيرون إلى أن تعليق العقوبة جاء استجابة لضغوط المانحين الغربيين، والمنظمات الدولية المعنية التي لا تكف عن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام. وقد استجاب الأردن على نحو محدود قبل سنوات، عندما استبدل عقوبة الإعدام في بعض الجرائم، وعلق تطبيقها في جرائم القتل العمد والاغتصاب والأعمال الإرهابية.
على المستويين الرسمي والشعبي، كان هناك انقسام واضح حيال الموقف من عقوبة الإعدام؛ المنظمات الحقوقية وعديد مؤسسات المجتمع المدني، ومعها صف من الشخصيات الليبرالية في الدولة، كانت تضغط من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، فيما قوى اجتماعية وعشائرية، وشخصيات قانونية رفيعة، عارضت بشدة إلغاء العقوبة.
وفي السنتين الأخيرتين، ارتفع صوت المطالبين بتفعيل عقوبة الإعدام وتطبيقها من جديد.
وعزت هذه الأوساط ارتفاع معدلات الجريمة في الأردن إلى تعليق عقوبة الإعدام. وفي آخر استطلاع رأي لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أيدت الأغلبية الساحقة من المستجيبين تطبيق عقوبة الإعدام والإبقاء عليها في القانون، لردع الجريمة في الأردن.
كانت الحكومة قريبة من اتخاذ قرار التراجع عن تعليق العقوبة، ووجدت في نتيجة الاستطلاع سندا قويا لهذا التوجه.
شعبيا، ستلقى خطوة الحكومة بتنفيذ الوجبة الأولى من الإعدامات، تأييدا واسعا. لكن في المقابل، ستفتح منظمات حقوقية وجهات دولية النار على الحكومة، وتكيل لها اتهامات بالتراجع عن التزاماتها في مجال حقوق الإنسان.
يمكن احتواء ردات الفعل هذه، خاصة وأن حساسية الأردن للمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان لم تعد كما كانت من قبل. فالعودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام يأتي في سياق توجه عام لتشديد القبضة الأمنية، وفرض سلطة القانون بالقوة، ومواجهة تحدي الحركات الإرهابية، للمحافظة على حالة الاستقرار في البلاد، وكبح جماح حالات الخروج عن القانون، والحد من الجرائم ذات الخصوصية الاجتماعية التي تثير فزع المجتمع، كالجرائم العائلية والاغتصاب.
وتهدف الحكومة من وراء تفعيل العقوبة إلى الحد من ردود الفعل التي تعقب كل جريمة؛ من حرق لمنازل أقارب القاتل، والاعتداء على أشخاص أبرياء لمجرد أنهم من أقارب مرتكب الجريمة. إضافة إلى ذلك، يمكن وحسب تقديرات المسؤولين، أن تكون عقوبة الإعدام بديلا للجلوة العشائرية التي تفرض على عشيرة الجاني.
بيد أن التحدي الكبير يكمن فيما إذا كان تفعيل عقوبة الإعدام سيخفض من معدلات الجريمة في المرحلة المقبلة، كما هو مأمول.
يجادل قانونيون ومعارضون لعقوبة الإعدام طويلا في هذا المجال. وقد خلصت دراسة أجرتها إحدى المؤسسات المعنية إلى نتيجة مغايرة للانطباع السائد، ومفادها أن تعليق عقوبة الإعدام في الأردن لم يرفع من معدلات الجريمة. كما يشير بعض التقارير إلى أن معدلات الجريمة في الأردن أقل مقارنة مع الدول التي تطبق عقوبة الإعدام.
المؤكد أن الجدل حول القضية لن يتوقف. لكن المهم أن غرفة الإعدامات في السجون الأردنية فتحت أبوابها من جديد.
خطوة إلى الأمام أم إلى الخلف؟ لاندري؛ فالمنطقة كلها من حولنا توشك أن تتحول إلى مقصلة كبيرة، لا تسمع منها غير أخبار قطع الرؤوس، ونحر الصدور.
(الغد)