عندما فتح "بوش" أبواب العنصرية
جهاد المحيسن
21-12-2014 02:57 AM
الخطاب الديني في مرحلة من مراحل التاريخ كان وسيلة تابعة للسلطة السياسية التي تبرر آمالها وطموحاتها وفشلها أيضا من خلاله، وهذا ما حدث وسيحدث في المستقبل، فعلى سبيل المثال؛ نالت منطقتنا العربية نصيبها من هذه الحروب، وتحالف السياسي والديني وعلى وجه التحديد في ما عرف بالحروب الصليبية.
وتمت استعادة هذا الخطاب في مراحل عدة في المواجهة المفتوحة على العالم العربي، ولعل أخطرها الحرب التي بدأت على الإرهاب التي فتح بابها "جورج بوش الابن"، بدعوى محاربة التطرف الإسلامي، بعد التحالف التقليدي مع القوى السلفية الدينية سواء الممثلة بالدول أو الأفراد، لخدمة مرحلة تاريخية محددة في الصراع الدولي، وكانت الدوافع دينية عندما تقابل المسلم مع الملحد السوفيتي في أفغانستان.
ولكن لم يكن تأثير هذه التحالفات المبنية على أسس دينية على العالم العربي والإسلامي، بل أصبحت ظاهرة عالمية يتحمل السياسيون والمفكرون الأميركيون تبعاتها، فلقد تم تحييد المبادئ التي قامت عليها الثورة الأميركية، والتي هي من وحي المجتمع الأميركي وأولويات حاجاته وتطلعاته؛ حيث تأثرت رموزه السياسية والفكرية بطبيعةالنظام السياسي البريطاني وبكتابات وتنظيرات "مونتسكيو" و"جون لوك" و"جان جاك روسو" عن الحرية والديمقراطية والمشاركة السياسية والسلطات العامة وعلاقاتها والحكم الأمثل، وتتحدد شعارات الثورة الأميركية في: العدل والحرية والمساواة ومبادئ حقوق الإنسان. وكان أشهر من روج لها ونشرها العام 1774هو "جفرسون".
لكن ما حدث من اختلالات على مدى تاريخ الإمبراطورية أدى إلى تراجعات كبيرة تمثلت في مراحل مختلفة من مراحل هذه الإمبراطورية، وأصيبت هذه المبادئ بنكسات كبيرة تمثلت في "الفوردية" وكذلك "المكارثية"، وغيرها ويمكن وضع "البوشية" ، كأحد أهم النكسات في مبادئ العدل والحرية وحقوق الإنسان التي بني عليها المجتمع والقيم الأميركية.
ما حدث ويحدث من صراع عنصري داخل المجتمع الأميركي، تجاه السود على وجه الخصوص وغيرهم من شعوب الأرض الذين انصهروا في المجتمع بعد النضال الذي خاضه الراحل "مارتن لوثر كينغ"، ضد التمييز ضد السود، حيث كان يجري التعامل معهم بشكل لا إنساني، أعاد السيد "بوش الابن" طرح موضوع التطرف العنصري، وبشكل غير مباشر لساحة الصراع العنصري في المجتمع، عندما اكتشف أن العنصر الأبيض هو القادر على حل مشكلات العالم، وعزز من التطرف الديني، عندما قدم "الصهيومسيحية" على مبادئ التسامح التي جاء بها السيد المسيح، وغزا المنطقة بحجة حرب النهاية "هرمجدون".
أحداث فيرغسون والمظاهرات التي أعقبتها بعد مقتل" مايكل براون" الشاب الأسود الذي قضى برصاص شرطي أبيض في فيرغسون في ظروف مثيرة للجدل، تؤكد على البعد العنصري تجاه السود، من قبل السيد الأبيض الذي تخلى عن مبادئ ثورته، وضرب بعرض الحائط القيم التي أسس لها.
ما حدث في فيرغسون وغيرها من المدن الأميركية، وخصوصا بعد تبرئة الشرطي من التهم الموجهة إليه، يذكرنا بمعتقل غوانتنامو، والنهج العنصري الذي أعيد استحضاره مع اليمين المتطرف بقيادة آل بوش.
(الغد)