facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




حرب مختلفة


بلال حسن التل
08-04-2008 03:00 AM

حرب مختلفة


لا يحتاج المرء إلى كبير عناء ليتأكد من أن منسوب الغليان يرتفع في المنطقة العربية يوماً بعد يوم، وأن الجنون الأمريكي المصحوب بالعربدة والغطرسة، قد يغرق المنطقة بكارثة جديدة على غرار كارثة العراق، خاصة أنه لا الأمريكي ولا حليفه الإسرائيلي يستوعبان هزيمتهما في حرب تموز/2006، وانكسار مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كانا يريان في العدوان على لبنان مخاضاً لولادته وفق المقياس الأمريكي المتصهين أصلاً، واستمرا بعد أن توقفت العمليات العسكرية في لبنان ولم يعلن وقف إطلاق النار والأمريكي ومثله الإسرائيلي يسعيان لإدخال المنطقة في حرب جديدة، تمحو آثار هزيمة تموز وتحيي آمالهما في بناء الشرق الأوسط الجديد، المكون من خارطة فسيفسائية من الطوائف والمذاهب والأعراق تكون فيها إسرائيل الكنتون الأكبر. وفي هذا الإطار ظلت المساعي الأمريكية المحمومة تحول دون أي لقاء عربي يمكنه أن يصفي الأجواء بين أبناء الأمة الواحدة، لذلك رأينا هذه الرحلات المكوكية المحمومة لقادة وزعماء واشنطن، ابتداءً من بوش مروراً بنائبه تشيني، وصولاً إلى وزيرة خارجيته كونداليزا رايس ، وانتهاءً بالسفراء والمساعدين الذي تقاطروا إلى المنطقة بهدف منع التقارب العربي، وقد تجلى ذلك بأوضح صوره في اللهاث الأمريكي لمنع انعقاد القمة العربية في دمشق، وهو ما فشلت أمريكياً بتحقيقه، في حين نجحت في إبقاء مجموعة من الأزمات العربية عالقة بهدف تأجيج الخلافات العربية العربية، وفي مقدمة هذه الأزمات الأزمة اللبنانية وهي عندنا أعمق وأبعد وأخطر من انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية؛ فالمطلوب من إبقاء الأزمة اللبنانية بدون حل هو استمرار التحريض على المقاومة ممثلة بحزب الله الذي صار رأسه مطلوباً أمريكياً وإسرائيلياً، و في بعض العواصم العربية، كما أن استمرار الأزمة اللبنانية وفق المخطط الأمريكي الإسرائيلي يعني السعي لإشغال حزب الله بقضايا لبنان الداخلية واستمرار مسلسل النيل من هيبة المقاومة وقدسيتها من قبل الدائرين في الفلك الأمريكي من السياسيين اللبنانيين.

ومثل الأزمة اللبنانية كذلك الملف النووي الإيراني الذي يهدد المنطقة بشبح حرب لا تبقي ولا تذر، لن تدفع ثمنها إيران وحدها، بل لعلها ستكون الأقل تضرراً؛ فالجزء الأكبر من الحرب وخاصة المتعلق بالرد الإيراني على العدوان الأمريكي سيكون في العراق وفي منطقة الخليج، حيث تتواجد القواعد والقوات الأمريكية، وحيث لا تملك جيوش دول المنطقة ما يحميها من حمم الهجوم الأمريكي والرد الإيراني. ومثلما أن منطقة الخليج لن تكون بمعزل عن الحرب الأمريكية على إيران، فلن تكون منطقتنا هنا في بلاد الشام بمعزل عن هذه الحرب، ذلك أن الأمريكي مثلما الصهيوني يعلن صبح مساء أنه يستهدف ما يسميه بالمحور السوري الإيراني، وفي إطاره يدخل حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية حماس، مما يعني أننا سنكون أمام كارثة أشد من كارثة احتلال العراق وحرب أشمل من العدوان على العراق، وأن دولاً كثيرة غير الولايات المتحدة وإسرائيل ستسهم بصورة أو أخرى في هذه الحرب، وقد كان لافتاً في الآونة الأخيرة المعلومات التي قدمتها الصين لوكالة الطاقة الذرية حول المشروع النووي الإيراني، وهي معلومات ليست في مصلحة إيران، مما يعني أن العلاقات الدولية هي في النهاية تبادل مصالح، فإذا أضفنا إلى ذلك البعد الحضاري الذي صار يدمغ علاقات العالم بهذه البقعة من الأرض، أعني العالم الإسلامي أدركنا أن الحرب القادمة التي ستشهدها المنطقة ستكون مختلفة بكل المقاييس والأبعاد والأسلحة المستخدمة، ولعل من المفيد هنا أن نشير إلى أن العدو الأمريكي والإسرائيلي ومن يحالفه بدأ مبكراً باستخدام الأسلحة الناعمة لتهيئة مسرح العمليات. ولتحقيق اختراقات مبكرة لجبهة الممانعة العربية الإسلامية. وفي هذا الإطار تدخل تحركات السفارات الأجنبية في عواصمنا، وتدخلها في شؤوننا الداخلية، وتحريض بعضنا على بعضنا الآخر، بل وفي اتخاذها دور الموجه للقرار السياسي والاجتماعي والثقافي في العديد من العواصم العربية، كما صار من اللافت هذا التدفق الإعلامي المحموم على جماهيرنا، سواء من خلال إقامة محطات فضائية أو إصدار صحف ومجلات وإذاعات تبث من أمريكا مباشرة، أو من خلال تمويل محطات فضائية وإذاعية وصحف ومجلات في عواصمنا لكنها تُدار بالريموت كنترول من واشنطن وتل أبيب، على أن ما هو أخطر من ذلك كله تجنيد العملاء تحت ستار ما يسمى بالتعاون الاستخباري الذي صار مكشوفاً مع العدو الإسرائيلي والأمريكي، والمتمثل بتعاون فريق محمد دحلان مع إسرائيل وأمريكا للتخلص من أبو عمار أولاً، والسعي للقضاء على حماس ثانياً، وصولاً إلى جمع معلومات عن حزب الله ومحاولة اختراق منظومته الأمنية، كما أشارت إلى ذلك الوثائق التي تم تسريبها عن التعاون بين مجموعة دحلان وإسرائيل وأمريكا، وهذه الوقائع عن التعاون الأمني بين بعض المحسوبين على أمتنا، وبين عدوها يفرض علينا أولاً اتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر من جهة والعمل على تحصين مجتمعاتنا أخلاقياً وثقافياً في إطار بناء عقائدي متماسك.

وفي هذا المجال نحب أن نشير إلى أن سياسة إفقار أبناء المنطقة وتجويعهم عبر مسلسل رفع الأسعار وموجة الغلاء العارمة ليست عفو الخاطر، فهي في جانب من جوانبها تصب في خدمة الحرب الشاملة التي يشنها العدو الأمريكي الصهيوني على أمتنا، فعبر الإفقار والتجويع يتم إلهاء الجماهير عن القضايا الكبرى ويسهل شراء الذمم وتدمير مناعة المجتمع الأخلاقية والثقافية، وهو ما يجب أن نتنبه إليه ونتصدى له من خلال العمل على حشد صفوف الممانعة والمقاومة وتشكيل حاضنة جماهيرية لها، وعبر إعلان الحرب على العملاء والخونة والمتساقطين، والسعي لعزلهم وتطويقهم عبر فضحهم ومعاقبتهم اجتماعياً ولنا في قصة الخوالف الذين تخلفوا عن جيش رسول الله في غزوة تبوك خير مثال على أهمية العقوبة الاجتماعية وأثرها في تحصين المجتمع ضد المتخاذلين والعملاء المتعاونين مع العدو.

الحرب القادمة التي يخطط لها العدو ستكون حرباً مختلفة، ولذلك ستكون نتائجها مختلفة، فمثلما أن احتلال العراق وحل مؤسساته وفي مقدمتها جيشه أغرق العراق في حالة فوضى أولاً، ثم حول أجزاء من الجيش العراقي والجماهير العراقية إلى قوى مقاومة، فإن الحماقة الأمريكية القادمة إن وقعت ستسقط الكثير من الكيانات وستعيد القرار إلى جماهير الأمة التي ستنخرط في حركة مقاومة شعبية واسعة تعيدنا إلى أيام الثورات ضد الاستعمار أوائل القرن الماضي، ولكن حتى يستتب الأمر للثورات الشعبية وللمقاومة المنظمة سيدفع العالم وفي مقدمته منطقتنا ثمناً باهظاً نرجو أن لا تجرنا الحماقة الأمريكية إليه....
الكاتب رئيس وناشر اللواء الاسبوعية .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :