فرق فاصل بين من يقرأ من أجل إمتحان يفضي الى شهادة ، وبين من يقرأ كي يتعلم كيف يتعلم، اذ الاصل في القراءة انها طريق الى زيادة المعرفة الآدمية ، وعلى نحو يجعل من ابن آدم شخصا قادرا على ان ينتج فكرا نظريا او عمليا يضيف الى المعرفة العامة للبشر جديدا ، والا فهي مجرد محو للأمية لا أكثر ، وهذا هو الحال الماثل في حياتنا نحن الشعوب الموصومة بالنامية أو شعوب العالم الثالث ، فنحن نقرأ إجباريا من أجل أداء إمتحان ما ، وإن زاد بعضنا فاللتسلية ربما .
ينسى أو يجهل بعضنا أن أول كلمة خاطب الحق سبحانه وتعالى بها رسولنا الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم ، هي كلمة. ً إقرأ ً ، والهدف الرباني العظيم هو التعلم من اجل العلم ، والعلم هو بلا شك اكتشافات متتالية لأسرار عظمة خلق الله تبارك وتعالى ، وهكذا فعل العالم المتقدم حتى غدا مولدا للاكشافات والاختراعات التي نتمتع بمخرجاتها اليوم راضين بعجزنا عن أن نقرأ ونطور معارفنا ومداركنا كي نصبح قادرين على إجتراح فكر متطور ينتج نظريات علمية تسهم في إسعاد البشرية جمعاء ، ونحن سعداء أو أشقياء بأن نكون مجرد متلقين لا مرسلين ومستهلكين لا منتجين ما دام غيرنا يتحمل هذا العناء عنا .
لقد أراد الله لنا نحن العرب بالذات بإعتبارنا مربع إنطلاقة نور النبوة الى البشرية كافة ، أن نكون مشاعل نور وبالعلم والمعرفة للناس جميعا ، لكننا ولسوء الحظ قبلنا بأن نكون مجرد منظرين يسود حياتنا اللغو واللهو والجدل بغير الحسنى ورضينا من الحياة بهوامشها ، فنحن أمة لا تقرأ ، ولهذا تطرف بعضنا وجهل بعضنا وإنغمس بعضنا في الشهوات ، وآثرنا طوعا أن نتخلى عن مهمة كبرى ارادها الله لنا ، ووطنا النفوس على الكسل وحب القعود والبعد عن التفكير والتفكر بحثا عن حقائق عظمى أودعها الله سبحانه هذا الكون العظيم ، وليس سرا أن شبابنا يمزقون كتبهم بمجرد الفراغ من الامتحان ، إذ بينهم وبين الكتاب عداء مستفحل ، والسر هو في انماط التعليم عندنا ، والقائمة على التلقين وحسب ، ولا وجود فيها يذكر لبناء شخصية الشباب تربية وتعليما بصورة تجعل منهم قادرين على البحث والاستقصاء من أجل التعلم ذاتيا ، وهذا أمر يطول شرحه وهو السبب المباشر في تخلفنا إن جاز القول بذلك .
بإختصار ، لو أن أمة. ً إقرأ ً أمة تقرأ ، لكان حالها اليوم افضل بكثير مما هي عليه ، ولو أن أمة إقرأ تدرك هدف أن تقرأ ، لكانت اليوم بحق في الصفوف الأولى للبشر ، ولما تكالبت عليها وعلى خيراتها الامم من كل حدب وصوب ، والله من وراء القصد .