الشخصية الأردنية و الوطنية
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
20-12-2014 02:48 AM
الوطنية لا يمكن ان تكون شعارات جوفاء او صور او اعلام و خرائط و من ثم تستباح تحت عبائتها القوانين و الاخلاق و المنطق و العادات و التقاليد و الاديان. انها ايمان بالوطن يترجم الى سلوك يرفع من شأن الوطن و يقوي جبهته الداخليه و يجعله مكان افضل للعيش. اسوق هذه المقدمه و انا ارى التراجع اليومي في الاخلاق و السلوك في ابسط التفاصيل خصوصا من جيل من الشباب المفروض ان يشكل املنا لعبور المستقبل.
لا أرغب بدور الواعظ و المنظر و لكنني اطرح فهمي للوطن كما تعلمته على مدى سنوات سواءا من المعايشه اليوميه الى اهتمامي بالشأن العام الى سعيي لتوسيع مداركي بالقراءه و تمحيص ما اسمع للوصول للحكم على الاشياء بالمنطق و ليس بالعواطف.
مع انحسار موجة الربيع العربي و عودة التوازن و عبور الاردن مرحلة قد تكون من الاصعب في تاريخه فقد ان الاوان لتعريف الشخصية الاردنيه و العمل على تطويرها لتكون انموذجا لمحيطنا فنحن فقط من الدول العربيه غير النفطية الذين عبرنا بأقل الخسائر بسبب وعي و انتماء القطاع الاكبر من الشعب و حكمة القيادة في ادارة دفة السفينه دون تشدد او تفريط.
الشخصية الاردنيه بنيت على نوعين متداخلين من الثقافه الاولى هي الثقافة البدوية بما تحمله من الشجاعه و الجرأه و الثانية هي الثقافة الفلاحية بما تحمله من الصبر و التخطيط. كلتا الثقافتين متماهيتين لدرجة الاستحاله في فصلهما فالعادات البدوية اليوميه متأصلة في الثقافة الفلاحية و نمط الحياة الفلاحية متأصل في الاصول البدوية. الاولى شكلت جسرا مع الخليج و الثانيه شكلت جسرا مع الشام فكانتا قوة دفع كل منهما تقوي الاخرى و تعطي متانه للجسم الاردني. هذا فضلا عن توحد الاصول العشائريه و منشأها من الجزيرة و اليمن.
لذلك لا بد ان تنعكس الشخصية الاردنية كسلوك يومي قادر على قيادة نموذج حضاري عربي. فالاردن عبر و أثر و تأثر بازمات كبيرة خلال تاريخه. جربنا الشعارات الجوفاء اللماعه من اليسار العربي و التي حاولت وسم الاردن و الاردنيين بالرجعية و التخلف لتثبت الايام ان تلك الشعارات و النماذج لم تنتج الا قهرا و ظلما لشعوبها و فسادا و الغاء للاخر و قمع للحريات و تخلف انظمة تعليميه و ثقافيه و تفكيك لمجتمعاتها.
جربنا شعارات القومية القادمة من الجنوب لنكتشف انها ليس اكثر من مجموعات استولت على حكم بلادها و شنت الحروب الكلامية و السباب و الوعيد و عندما حانت ساعة الحقيقه اكتشفنا انها لم تعد اكثر من الكلام لمواجهة مشروع صهيوني لتقع الامة فريسة مشاريع لاعدائنا عملوا بجد لاهدافهم فاشبعناهم سبابا و ذهبوا بالارض العربيه. ثم يخرج علينا من يريدون توحيد الامة الاسلامية و هم ما زالوا يتناحروا بينهم على من يمثل الاسلام و كل يكفر الاخر و يطعن في عقيدته و يجز رقبة من يخالفه.
لذلك ان الاوان ان نتعامل مع الافكار و الدول المحيطه الشقيقه و الصديقه من منطلق مصالحنا و ليس عواطفنا.
جميل ان يكون عندنا شعور انساني فالوفاء و التضحيه من شيمنا و لكن في اخر اليوم شقيق يبيعنا الغاز بسعر السوق و شقيق يقايضنا اياه بمواقف سياسيه و الفنان الاردني لا يجد له حاضنه بعد ان كان التلفزيون الاردني يحتضن الجميع من المحيط الى الخليج و شقيق يحملنا فشل فهمة لطبيعة الصراع مع الصهيونيه التي اعتقد يوما انها ستفتح له ذراعيها بمجرد اعترافه بها ليجد ان الرؤية الاردنية قد سبقت الجميع بالفهم بسنوات و شقيق يشعرنا انه خرج من الجنة ليتلظى في جحيم الاردن مع ان الاردن احتضنته و وفرت له الامان و لم يكن لها ناقة و لا بعير في اشعال فتيل ازمته. ليس المقصود انتقاد الاشقاء و لكن ان علينا تمحيص المواقف ضمن مصالحنا العليا بعيدا عن عواطفنا و التي دفعنا ثمنها ظلما اعلاميا عربيا استهان بشهداء الاردن و كرامته و الدماء التي روت الارض العربيه في الوقت الذي كان المناضلين العرب الاشقاء يملأون الاثير بشعارات الجهاد و النضال اليميني و اليساري من على مقاعدهم الوثيره و كأن النضال خمر و نساء و كلام و شعارات غير مفهومه و كلمات كبيره و روايات و اشعار.
الشخصية الاردنية متفقه على ان القياده الهاشمية مصلحة اردنية عليا و نقطة التقاء و ان اي محاولة لاضعافها تحت اي نوع من الشعارات هو سعي لاضعاف و تفكيك الدولة الاردنية. قد نختلف مع او على بعض السياسات او السياسيين المحيطين و لكن لا نختلف على الملك و العائلة الهاشمية.
الشخصية الاردنية متفقه ان المواطنة هي التزام بالقوانيين و الاعراف و المصالح الاردنية قبل كل شئ و هي محافظة على هيبة الدوله و جيشها و مؤسساتها الامنية التي حمت البلد و حافظت علية عندما تقلبت الامزجة و تاه ولاء البعض للافكار القادمة من اليسار و اليمين. و هي التي وقفت سدا منيعا عندما انعكست البوصله و صوبت سهام ثوار و مناضلين المقاهي الى صدر البلد بدل توجيهها الى العدو الذي احتل الارض و هجر سكانها.
و الجيش و الامن هو من حمى من اعتقدناهم ثوارا عندما حاول العدو تصفيتهم و بذل الدم رخيصا كما تربى على التضحية. ذلك الدم الذي خانه بعض ما يسمى بالثوار و تراكض شرقا و غربا يحتفل بانتصارات لم يصنعها و يخون شقيقا حماه في ارض الوغى و ينتقص من شعب و قيادة احتضنته باصقا في صحن اكل منه حتى شبع.
الشخصية الاردنية متفقه ان الفلسطينيين الاصلاء ساهموا في بناء الوطن و مؤسساته و لم ينكروا فضلها عليهم عندما وقفت معهم و انصهر الشعبين انصارا و مهاجرين تحت قيادة هاشمية. و هي متفقة ان الاردنيين من مختلف الاصول و الاديان اعطوا للبلد و ساهموا في رفعته و تطوره ليكون مستقبلا لهم و لابنائهم.
الشخصية الاردنية تؤمن ان الجنوب و الوسط و الشمال جسد واحد لا يصلح اذا خدش منه عضو او سالت دمعه في باديته أو قراه أو حواضره. الاستحواذ و الاقصاء و التهميش و الانكفاء لمناطق او عشائر ليس من الشخصية الاردنية الاصيلة فالحاضر واحد و المصير واحد و المركب لا يسير امنا اذا فيه خرق مهما كان بسيطا.
الشخصية الاردنية عليها ان تمأسس الراي و الراي الاخر و الحوار و نبذ العنف و لكن ضمن خطوط المصالح الاردنية و قوانينها و سيادتها. فالسلوكيات المنحرفة من تطرف او طعن في البلد او قبول بالفساد او حماية للجريمة ليست من الشخصية الاردنية. كما ان السباب و الاتهام و اغتيال الشخصية ليس من الشخصية الاردنية. و السلوك المنحرف من استباحة للطرقات و الرعونة في قيادة السيارات و استباحة اموال الناس و اعراضهم و دمائهم ليست من الشخصية الاردنية. الاعتداء على المؤسسات العامة و تبرير الجريمة تحت عنوان وجود فساد ليست من الشخصية الاردنية.
حتى لا اطيل فان الشخصية الاردنية بنيت على قيم عربية و اسلامية و اخلاق رفيعة و من يخرج عن هذه فهو يمثل نفسه و لا يمثل الشخصية الاردنية. الشخصية الاردنية بنيت على عشائر كبيرها و صغيرها اعلى و عزز من قيم التضحية و الكرامة و الاخلاق و اما ما نشاهده احيانا من عشائرية تتعصب للمجرم او تحمي الارعن و المتطرف فهي ليست من الشخصية الاردنية. و الخص كما بدأت بأن الوطنية سلوك يومي يحافظ على البلد و مصالحه و قيادته و ليس شعارات صماء.
حمى الله اردننا عزيزا امنا مستقرا و ارشد جيله من الشباب الى الطريق السليمة و حمى الله الهاشميين تاجا و قيادة للبلد الذي احبوه و احبهم.