كان شاعر فلسطين الكبير معين بسيسو (أبو توفيق) يردد دائما وأبداً مقطعاً من قصيدة له كان نظمها في لحظة تاريخية حاسمة وصعبة من تاريخ النضال الفلسطيني والقضية الفلسطينية وهذا المقطع يقول :
انْت إنْ قُلْتها مُتْ
وإنْ لمْ تقٌلْها مُتْ
فقْلها ومُتْ
وكان الأمين العام للجبهة الديمقراطية نايف حواتمة (أبو خالد) قد ردَّ عليه في مهرجان عرمرمي في مدرج جامعة بيروت العربية بقوله : إنه لا يجوز أن تقول و أنْتْ إنْ قلتها مُتْ بل أنْ تقول أنْتَ إن قلتها عِشْـت!!.
المهم إنَّ ما يدعو إلى تفطُّر الأكباد هو أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ،الذي «زهقناه» ويبدو أنه «زهقنا»أيضاً لكثرة تردده على هذه المنطقة وإلى حدِّ الأحساس أنه بات يقيم فيها، قد سارع إلى قطع الطريق على الفلسطينيين وهم بصدد الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي بطلب للإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 ، بأن لوَّح باستخدام الـ»فيتو» الأميركي ، الذي استخدمته واشنطن عشرات المرات حماية لإسرائيل، لإحباط هذه المحاولة التي ربما أن بعض العرب لا يريدونها في هذا الوقت وفي هذه اللحظة التي لايرون أنها ملائمة لإتخاذ مثل هذا الخطوة التاريخية .
والسؤال هنا هو: وماذا من الممكن أن يفعل الفلسطينيون طالما أنَّ إسرائيل قد أفشلت مفاوضات دؤوبة تواصلت لأكثر من عشرين عاماً؟..ماذا من الممكن أن يفعل الفلسطينيون وكان يجب أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة وفقاً لاتفاقيات أوسلو في عام 1997 ؟! هل المطلوب أن تتحول منظمة التحرير وحركة «فتح»ومعهما «حماس» إلى تنظيمات إرهابية متطرفة كـ»داعش» و»النصرة» و»خراسان»..؟
لقد قرر الفلسطينيون اللجوء إلى مجلس الدولي لأنَّ المفترض أنه المكان الذي تلوذ به الشعوب المقهورة والمضطهدة للحصول ولو على بعض حقوقها المشروعة وأن المفترض أن الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة قد وصلت إلى القناعة بأنه من غير الممكن القضاء على هذه التنظيمات الإرهابية التي باتت تتفشى في العالم بأسره تفشياً سرطانياً مالم يتوفر الحل «العادل» المنشود للقضية الفلسطينية وذلك لأن كل هذه التنظيمات تستخدم هذه القضية مبرراً للقيام بأعمالها الإجرامية البربرية .. وبالطبع فإنها ليست صادقة على الإطلاق .
إنه على كل الذين يعترضون على ذهاب الفلسطينين إلى مجلس الأمن الدولي لإنصافهم لأن «اللحظة التاريخية» لم تحن بعد لمثل هذا الذهاب!! أنْ ينتزعوا من الولايات المتحدة وعداً مكتوباً ومحدداً بفترة زمنية قريبة والتزاماً موثقاً بقيام الدولة الفلسطينية وفقاً لجدول زمني خلال العامين المقبلين أماً أن تبقى الأمور تراوح في هذا المكان ذاته فإن القادم سيكون أعظم وأنَّ هذه المنطقة ومن ضمنها إسرائيل ستتحول إلى «تورا بورا» ثانية و إلى قواعد لـ»داعش» و «النصرة»!!..
(الرأي)