facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




العاطفة عتبة أولى نحو العقل العربي


شحاده أبو بقر
17-12-2014 02:36 AM

كرم الله سبحانه وتعالى إبن آدم بنعمة ً العقل ً دون سائر مخلوقاته كي يفكر ويتفكر في الوجود من حوله قبل أن يتخذ القرار بممارسة الفعل ، وزاد الكريم تكريم إبن آدم ب ً العاطفة ً كي تكتمل أنسانيته ، وبالطبع لم يحرم العزيز مخلوقاته من الحيوان من نعمة العاطفة كي تحنوا على صغارها وتوفر لها الحماية والقوت ، والعقل والعاطفة أمران متلازمان ، ولكل منهما حدوده مع أفضلية للعقل في حالات ، وأخرى للعاطفة في حالات ، ومن الطبيعي في شرعة الوجود أن الناس يتمايزون فيما بينهم بحسب قدرات كل منهم على توظيف العقل حيث يجب ، والعاطفة حيث يجب .

الانسان العربي بطبعه ووفقا لبيئته الاجتماعية وما يندرج في إطارها من عادات وتقاليد يصنف على انه ذو عاطفة طاغيه ، ولهذا فإن الطريق الى عقله لا بد وأن يبدأ بعاطفته ، كوسيلة لتهيئته للإستجابة والتأثر بما يسمع ويرى ، وكلما كان الطرف الآخر مبدعا في إستثارة العواطف كلما نجح في إستمالة العربي اليه والى فكرته وقراره وما يريد ، ولنا في التاريخ العربي شواهد عديدة تزيد من وجاهة هذه المعادلة الإنسانية في الذات العربيه ، فالعربي وتلك ميزة لا مثلبه ، سريع التأثر بما يدور حوله من أحداث ، وهو بالتالي صاحب حمية ونخوة يمكن ان يدفع حياته ثمنا لها على ان لا يقال عنه جبانا او عاجزا عن إجارة مستجير او نصرة مظلوم او صاحب حاجة ، وتلك خاصية جعلت العربي كريما على نحو ليس عليه احد سواه من قاطني المعموره ، وهو يفرح بلا حدود ويحزن بلا حدود ويغضب كذلك بلا حدود ، ولا يجد غضاضة في ان يشهر سلاحه إذا ما أحس بالإهانة ولو بالكلام دون الفعل ، وهو في المقابل يعفو ويصفح ويتنازل عن سائر حقه إكراما للآخر إذا ما جاءه ودخل بيته طالبا الصفح .

تلك شيم عربية جليلة وجميلة تصلح لأن يبنى عليها ، ولكن في بيئة ذات هوية عروبية مكتملة المواصفات والشروط لا مكان واسعا فيها لما هو غريب عنها ، إلا في حدود ما يضيف اليها جديدا نافعا لا تعارض فيه مع ثوابتها ، فالعروبة عند العربي ليست مجرد هوية وحسب ، وإنما هي ركن رئيس في عقيدته وإيمانه وتاريخه وإرثه وحتى وجوده ، ولهذا ينطق تاريخنا العربي الحديث بأسماء رموز ما زال الكثيرون يمجدونهم حتى برغم أخطاء مصيرية إرتكبوها تحت وطأة النخوة العاطفية ، فقد أبدع اؤلئك الرموز في إلهاب عواطف ومشاعر الجماهير في خطبهم ومواقفهم وقراراتهم الى حد تعطلت فيه آلية العقول أمام لهيب العواطف الجياشه ، ولم تأت النتائج وفق ما تمنى الجميع ، ومع ذلك فالعرب جميعا ربما ، يواظبون على إستذكار تلك الرموز بكثير من الإعجاب والثناء محملين من يصنفونهم بالعملاء والامبرياليين وزر ما آلت اليه الاحوال .

من هنا فلا مجال للشخص العام لأن ينجح ويستقطب عواطف وعقول الجماهير في عالمنا العربي ، إلا اذا أبدع في صياغة خطابه السياسي الموجه لتلك الجماهير بصورة تحرك المشاعر إبتداء ، قبل أن تنفذ الى العقول ، بمعنى ان العقل عموما والعقل العربي خصوصا هو بمثابة الارض المراد زراعتها ، فلا بد من تمهيدها وحراثتها وتهيئتها إبتداء قبل الشروع في زراعتها ، وألا فلن تثمر ، وحتى وإن أثمرت فسيكون ثمرها مشوها قلما يصلح للاستهلاك ، وعليه ، فالخطاب السياسي الموجه لن يجد أذانا كثيرة صاغية إن لم يبدأ في تحريك مشاعر السامعين والمتلقين عموما قبل ان يغوص في اعماق ما يريد ، وهذا بحد ذاته ً إبداع ًيحرص صناع القرار في الدول والمجتمعات على مقاربته بقوة كي يكون الخطاب مؤثرا والقرار متقبلا بالتالي ، وكم من قرارات صائبة خسرت تفاعل الجماهير إيجابيا بعد أن إفتقرت الى هكذا إبداع ، وكم في المقابل من قرارات خاطئة صفقت لها الجماهير تحت وطأة ذلك الإبداع الذي أعني .

بإختصار شديد ، لا يمكن للسياسي أن يبرز في عالمنا العربي عموما ، إلا إذاع أدرك السر في القدرة على أستدرارتعاطف الجماهير مع سياساته وقراراته ، ليجد منها الدعم والقبول ، خاصة إذا ما حرك فيها مشاعر الاعتزاز بعروبتها وعقيدتها وتاريخها وامجادها ، وبخلاف ذلك فلا سبيل الى إستقطاب الناس وضمان تفاعلهم المطلوب والمهم والاساسي مع القراراو التوجه ، والسياسي المبدع هو الذي يخاطب الناس ببساطة هي الاقرب الى حياتهم اليومية وقناعاتهم الذاتية ليجد عندهم القبول والتقبل ، عندما تكون توجهاته منسجمة مع توجهات المجموع او الاغلبية ، واكثر اهمية من ذلك ، سيجد عندهم التصدي لخصوم افكاره وقراراته تلقائيا و دونما توجيه او عناء يذكر ، والله من وراء القصد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :