حكومة النسور "طويلة العمر"
جمانة غنيمات
16-12-2014 01:37 AM
رغم إشاعات الرحيل الكثيرة التي تخرج من النخب عادة، وبشكل متواصل، يبقى قرار بقاء أو رحيل أي حكومة رهناً بيد الملك، والذي أكد غير مرة؛ في خطاباته وأوراقه النقاشية كما في مقابلته الخاصة مع "الغد"، أنه قرار يتوقف على رضا النواب عن أداء الحكومة، كما أن بقاء مجلس النواب مرتبط برضا الشارع والمجتمع.
استناداً إلى هذه المعادلة الملكية، يبدو أن لحكومة د. عبدالله النسور عمرا يستمر معنا إلى الصيف المقبل على أقل تقدير. فالعلاقة مع النواب، ورغم التوتر البادي على السطح، جيدة. وتنتهج الحكومة، برئيسها ووزرائها، أكثر من طريق للاحتفاظ بثقة النواب، على الأقل دستوريا. فالحكومة تخطب ودهم بتقديم الخدمات لهم. بل وصارت حتى الولائم والمجاملات من طرق الإبقاء على الثقة، بدخول قلب النواب.
كذلك، ثمة أسباب موضوعية تدعم بقاء حكومة د. النسور في "الدوار الرابع"، وتتمثل في المنجزات التي تحققت بسبب شخصية الرئيس التي تعد عاملا أساسياً، يرتبط بقدرته على المناورة، بشكل يصفه كثير من النخب بالدهاء السياسي لرجل ذي خبرة برلمانية الطويلة.
فمما يبقي على ثقة النواب بالرئيس أنه لم يدخل في مواجهة حقيقية معهم، رغم المسلك النيابي المستفز في أحايين كثيرة. إذ تجد الحكومة تؤْثر الصمت على الكثير من التجاوزات النيابية بحقها، بحكم أن الهدف معروف ومحدد في عقل الرئيس. كما تجد الحكومة تتغاضى عن تطبيق القانون على النواب الذين صدر بحق عدد منهم قرارات قضائية قطعية تتعلق بقضايا مختلفة.
فوق كل ما سبق، يظل يتصدر أسباب الإبقاء على الحكومة التزامها الكبير باتخاذ قرارات صعبة غير شعبية، عجز عنها أعتى الليبراليون؛ منها تحرير أسعار المحروقات في ظل ظروف سياسية دقيقة؛ أتبعتها حكومة د. النسور بوضع استراتيجة للتخلص من دعم الكهرباء، وتسديد مديونية شركة الكهرباء الوطنية ضمن خطة زمنية تستمر لسنوات، وتقوم بموجبها بزيادة أسعار الكهرباء مطلع كل عام، حتى العام 2017.
وتأتي هذه القرارات الصعبة ضمن التزام الحكومة الكبير بتنفيذ برنامج التصحيح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، ونيتها تجديد الاتفاق مع المؤسسة الدولية لحين تحسن المؤشرات الاقتصادية بشكل أكبر، وحفاظا على نافذة إقراضية مهمة.
يستند ما سبق على دفاع الرئيس عن سياساته، وتحمل تبعات أي قرارات غير شعبية تتخذها حكومته، وآخرها التوجه إلى توقيع اتفاق شراء الغاز من إسرائيل. إذ قدم د. النسور، بهذا الشأن، مرافعة سياسية من طراز رفيع للدفاع عن قرار الحكومة اتخاذ الخطوة المرفوضة شعبيا، باعتبار أنها خطوة اضطرارية بسبب انعدام البدائل، وتخلي الأشقاء عن الأردن.
وتقوي مركز الحكومة التسريبات التي تخرج بين حين وآخر بشأن إجراء تعديل حكومي، يقال إن الرئيس يؤجله قدر ما يستطيع لإطالة عمر حكومته، وإلى حين تمرير مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات المستقلة، إضافة إلى مشروع قانون الضريبة الذي يناقش اليوم تحت القبة.
يسعى كل رئيس إلى إطالة عمر حكومته، تماماً كما يفعل د. النسور. وتحت هذا العنوان، تأتي المماطلة في التعديل، ربما لأن الرئيس يطمح إلى تسجيل رقم قياسي في مدة بقائه في "الدوار الرابع".
بيد أن السؤال لحكومة د. النسور طويلة العمر، رئيساً ووزراء: ماذا فعلتم للأردنيين غير الذي ذكر أعلاه؟ ماذا قدمتم لحماية الأردن من التحديات؟ وماذا أنجزت حكومة الإصلاح التي تفاءل بها المجتمع عند التشكيل، غير تسجيل الأهداف غير الشعبية؟! هل حسّنتم المستوى المعيشي للمواطن؟ هل خفّضتم معدلات الفقر والبطالة؟ وكم قلّصتم الفجوة التنموية بين عمان وأطرافها من جهة، وبين أخواتها على الجهة الأخرى؟
يبدو أن لدى الحكومة مزيدا من الوقت؛ فعلها تستثمره فيما ينفع البلد والناس!
(الغد)