هذا المجلس .. من هذا الشعب
أروى الجعبري
15-12-2014 02:04 AM
أمام اللغط المستمر في الأردن و في مختلف وسائل الإعلام حول مجلس النواب ، و التذمر من تصرفات أعضائه المنتخبين ، نواب الشعب و ممثليه ، و الذي يصل إلى حد التخوين أحيانا ، أجد الأمر طبيعيا للغاية و متوقعاً في الوقت نفسه !!!
ليس بسبب قانون الصوت الواحد فقط ، بل لأسباب أعمق و أقوى بكثير ترتبط بتركيبة المجتمع و طبيعة تكوينه ، و أسلوب تربية الفرد و تنشأته أيضا ، فأي مجلس منتخب في العالم هو مرآة تعكس مجتمعه ، مهما بلغت نسبة التزوير في النتائج و التي تقل عكسيا كلما زادت نسبة الاقتراع بين السكان ، و أمام حل المجلس من قبل الملك في الدورة السابقة بسبب ما أثير حول تزوير النتائج أو عدم دقتها ، ثم إعادة الانتخابات مرة أخرى لتصل _ تقريبا نفس العينات من المجتمع إلى المجلس الحالي الجديد _ لا مفر لنا من الاعتراف أن المشكلة ليست في النواب و لا في نظام الانتخابات بقدر ما هي في الناخب الذي كان السبب أكثر من مرة ، في وصول نواب الأمة إلى مقاعدهم !!
الفرد الذي نشأ على محاباة القريب لصلة الدم ليس إلاً ، من باب (وما أنا إلا من غُزَيَّةَ إن غوت غويت وإن ترشد غُزَيَّةُ أرشد) ، و المجتمع الذي قدس الجماعة و اسمها على حساب الفرد ، و في أحيان أخرى ( و بشكل متناقض ) المصلحة الفردية على حساب المنفعة الوطنية ، و يتأثر أبنائه بالصيت و الجاه و السمعة المالية في حكمهم على الفرد و مواقفه ، حتى بات أبنائنا يحترمون الغني و يسعون ورائه مهملين تماما مصدر ثرواته و جاهه متناسين تماما عبارة ( من أين لك هذا ؟ ) ، في مجتمع غلبت عليه المادة و المنفعة و المصلحة على حب الوطن و منفعته و حمايته ، كان من الطبيعي جدا أن يصل إلى المجلس الفئات التي تمثل هذه التركيبة السابقة ، و لهذا السبب أيضا ، و لأن ( الخير باق في أمتي إلى يوم الدين ) لم يخلو المجلس من عناصر وطنية ، لا زالت تقدم خير الوطن و منفعته على كل ما عداه ، لتمثل هذه الجماعة الخيرين أيضا من أبناء المجتمع ، لكن للأسف ، في ظل غياب تكتل حقيقي و قوي للأحزاب السياسية في مجلس النواب ، أسوة بالبرلمانات العريقة و القوية في العالم ، سيبقى دور النائب _ الفردي_ ضعيفا و عديم الجدوى في تحقيق إصلاح سياسي و اقتصادي حقيقي في الأردن ، أو في وضع قواعد حقيقية منظمة لمحاسبة الحكومات أو إسقاطها ، بما فيه منفعة المواطن و مصلحته ، لا مجرد استعراض لأصوات الأعضاء و وطنيتهم و خطاباتهم الفارغة من مضمون حقيقي.