هل أخطأت الحكومة في تقديم قانون ضريبة الدخل الجديد؟
د. عادل محمد القطاونة
14-12-2014 02:59 AM
بين قانون لضريبة الدخل وقانون لضريبة المبيعات ، بين العدالة والظلم ، وبين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، التصاعدية والدستورية ، الاعفاءات والمعدلات الضريبية ، الدخول الخاضعة والدخول المعفية وبين مادة ومادة يتساءل البعض عن أهمية القوانين الضريبية على عجلة الاقتصاد الأردني؟ ويتساءل البعض الآخر عن دور قانون ضريبة الدخل في تحفيز ودعم الاستثمار الداخلي والخارجي؟ وبعيداً عن التساؤلات يتقدم البعض لتقديم الاستفسارات عن جدية الحكومات في تقديم قانون ضريبي عصري يراعي العدالة ويكفل التصاعدية ويعزز من التنافسية ! يعلم الكثيرون ان مجلس النواب يناقش في هذه الأيام مسودة قانون ضريبي جديد يأتي ليلغي القانون المؤقت رقم (28) لسنة (2009) والذي بدأ العمل به منذ العام 2010 والذي اصطدم بجملة من التحديات والانتقادات وكان من أبرزها غياب التصاعدية والشفافية والعدالة في بعض مواده القانونية ، في خضم ذلك رأى بعض الاقتصاديين على أن الحكومة مجبرة على تقديم قانون جديد لضريبة الدخل يكفل زيادة التحصيلات ويقلل من الاعفاءات ويراعي التصاعدية التي جاء نصها واضحاً بالمادة (111) من الدستور الأردني وبين من هو (مع) ومن هو (ضد) لطرح الحكومة لقانون ضريبي جديد كان لصندوق النقد الدولي كلمته في ضرورة خفض الاعفاءات حيث كانت وجهة النظر آنذاك تتحدث بضرورة خفض الاعفاء الشخصي والبالغ (12000) دينار للشخص الطبيعي و(24000) دينارعلى مستوى العائلة بوصفه رقماً كبيراً ساهم في انخفاض التحصيلات الضريبية للأعوام (2010-2013 !!(
بموجب قانون ضريبة الدخل الجديد فقد ارتفعت الاعفاءات الى (28000) دينار حيث تم اضافة مبلغ (4000) دينار لبعض أنواع النفقات الشخصية المعززة بمستندات الى جانب ال(24000) دينار السابقة وصولاً الى (28000) دينار ، انتقالاً للمعدلات الضريبية التي وصلت في حدها الأعلى للقطاع المصرفي وبنسبة بلغت (35%) بعد أن كانت في القانون السابق (30%) أما بما يتعلق بالشخص الطبيعي فقد تناول القانون الضريبي الجديد التصاعدية بنوع من الخجل ليرفع عدد الشرائح الى ثلاث وبواقع (7%) لأول (10000 دينار) من الدخل الخاضع للضريبة و(14%) ل(10000 دينار) التالية و(20%) عن كل دينار مما تلاها أما للشخص الاعتباري فقد جاءت التصاعدية على القطاع الصناعي فقط حيث منح النسبة (14%) لأول (100.000 دينار) من الدخل الخاضع للضريبة و(20%) عن كل مما تلاها ، لقطاع الاتصالات والتأمين فقد استقر الحال على نفس المعدل الضريبي السابق وهو بواقع (24%) أما باقي القطاعات التجارية وغيرها من المنشآت فقد ارتفع المعدل الضريبي الى (20%) وبين مد وجزر عادت المسقفات لتنزل بنسبة (100%) من الضريبة المستحقة بعد أن كانت في القانون السابق (50%) !!
المادة رقم (12) التي نقلت المنشآت حتى تمارس عمل الجباية من المصدر عوضاً عن المنشأة بقيت على حالها مع بعض التعديلات الطفيفة فنسبة الاقتطاع ال(5%) ما زلت تشكل عبئاً اضافياً لدى العديد من المنشات والأفراد وما زال المتدرب الذي يتقاضى راتباً شهرياً مقداره (100) دينار ولا يخضع لأحكام قانون الضمان تستوفى عنه ضريبة بواقع (5) دنانير شهرياً ويصنف ملفه الضريبي كأفراد وليس كمستخدمين بانتظار سنة كاملة ليتسنى له استرداد الاقتطاعات التي فرضتها أحكام المادة رقم (12) من القانون !! والتي رأى البعض أن وضع سقف أدنى (1000 دينار) سنوياً على سبيل المثال لما يخضع للاقتطاع قد يوفر على المنشآت وعلى الدائرة كلفة ادارية تقدر بملايين الدنانير من بيروقراطية الوقت والعمل على مبالغ منخفضة ولا تسهم بأي شكل من الأشكال في زيادة التحصيلات أو كبح جماح التهرب الضريبي !!
ان قانوناً يصر على معاقبة الملتزم بزيادة العبء الضريبي عليه ، قانوناً ما زال لا يميز بين المشاريع الصغيرة والمشاريع الكبرى، قانوناً لا يعطي ميزة تفضيلية للمشاريع في المناطق الأكثر فقراً، قانوناً لا يحقق الاضافة المطلوبة في جذب الاستثمار !! ان القانون الضريبي المنشود يجب أن ينطلق من رؤية شمولية هدفها الأول والأخير يكمن في تحفيز الاستثمار وتحقيق الاضافة المطلوبة في مفهوم التنمية الشاملة وزيادة التوسع الأفقي وليس التضخم العامودي ، قانوناً يحفز على دفع الضريبة ويعاقب متهرب الضريبة، قانوناً مستقراً يكفل تحقيق الاستقرار في الموازنة العامة وفي رؤية المستثمر المستقبلية وأن لا تكون قوانيناً عرضة للتغير المستمر مما يشكك المواطن والمستثمر من جدية الحكومة في تحقيق الاصلاح المنشود استثمارياً وشعبياً .