م.رزان زعيتر .. إمرأة بأمة مجاهدة
اسعد العزوني
13-12-2014 07:15 PM
ما أصعب أن يتحدث رجل عن إمرأة أي إمرأة ، لأن هناك محاذير يستحسن الإنتباه إليها كي لا تفهم الأمور في غير سياقها الطبيعي ، أو يدخل الكاتب أي كاتب في خضم المديح غير الصادق .
أما في حالة المهندسة المناضلة رزان زعيتر ، فإن الأمر مختلف جدا ، والأمن وألأمان في الكتابة متوفران بالنسبة للكاتب ، لعدة أسباب ، منها سعة أفق المقصودة ، وإستحقاقها للمديح وحتى المبالغة فيه ، ناهيك عن سهولة الولوج في الموضوع والخروج منه بالنسبة للكاتب ، دون بذل أي جهد مصطنع ، أو إرتكاب آفة وجريمة النفاق ، لأن الكتابة تليق بالمكتوب عنها ، وهنا ندخل في مبدأ :عندما يسمو الخطاب .
لمن لم يقرأ سيرة حياة مهندستنا الرائعة رزان زعيتر ، فهي إبنة الأديب والسياسي الفلسطيني الراحل المعروف أكرم زعيتر ، وهذا يعني أن نشأتها محسومة ، طالما أنها تربت وترعرعت في كنف رجل مثل أكرم زعيتر ، وهي مهندسة زراعية ، إختارت تخصصها على ما يبدو إستشرافا لحالة امتها التي تصحرت أرضا وفكرا ، وتجمدت ممارسات ، أدت إلى رهن مقدراتها لأعداء الأمة ، فبعث الله لنا ضمن من بعث هذه المهندسة العروبية الملتزمة بأهداف أمتها والمناضلة لتحقيق هذه الأهداف ، لأنها لم تكتف بقول :إذهب انت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، كما قال معشر يهود لموسى عليه السلام .
علاوة على ذلك تزوجت مهندسا زراعيا لبنانيا مناضلا إسمه حسن جعجع، ويقينا أنه لا علاقة له بالمنحرفين من آل جعجع في لبنان، ولم يكتفيا بتأسيس شراكة زوجية وتأسيس عائلة ، بل ذهبا أبعد من ذلك وكرسا شراكة سياسية ولا أروع وهي جمعية حماية الطبيعة ، ولعل ما أقوله عن هذه الشراكة لم يخطر على بال احد ، فما قاما به من نضال مشترك وزواج وتشبيك ، إنما هو الطريق القويم الذي يتوجب علينا قوميا سلوكه ، فبورك الأخ حسن جعجع وبوركت الأخت رزان زعيتر على ما أنجزاه .
في عام أفول نجم العراق بفعل شيطاني مدروس شارك فيه طيف واسع من العرب ، بزغ نجم جديد مشرف في سماء الأمة العربية وبدأ ينشر أحزمة نوره ،هنا هناك تبديدا للعتمة العربية التي وصلت حد الظلام حالك السواد.
لم تكن هذه المنظمة لسد فراغ تشعر به رزان زعيتر ، أو أنها باب للتكسب غير المشروع كما نرى هذه الأيام ، بل كانت جمعية عروبية إنسانية تنموية مبدئية ، تستحق أن يطلق عليها لقب "الكتاب الشامل" الذي يتوجب على مناهجنا التعليمية أن تتضمنه وتدرسه لأجيالنا الصاعدة منذ الصف الأول الإبتدائي وحتى آخر لحظة يقضيها طالب العلم في التعلم، ولم لا يقوم طلبة دكتوراة بإعداد رسائل عن هذا الإنجاز؟
الهدف من وراء هذه الجمعية هو تشجير الأرض العربية وتخضيرها ، وفي البدء كانت فلسطين والأردن ، وأملي أن نرى هذا المشروع يتمدد ليشمل كافة مساحات الوطن العربي عل وعسى أن نستبدل القواعد الأجنبية العسكرية بغابات خضراء ، وليس ذلك على الله ببعيد.
ليست جمعية مسلحة تعقد الصفقات بالمليارات وتقبض العمولة وبعدها لا يهمها إن وصل السلاح أم لا ، بل هي مؤسسة مجتمع مدني عربية ، غير كل المؤسسات التي نراها ترتع في التمويل الأجنبي الذي يصل حد الخيانة في أهدافه وأساليبه ، بل هي كما قلت مؤسسة مدنية ذات أهداف سياسية وتقاتل الأعداء وتشتبك معهم ،لكن ليس بأسلحة البارود أو بالنووي ، بل سلاحها العقيدة والإيمان بالمباديء والعمل الجاد والمخلص على الأرض .
معروف أن الإحتلال الإسرائيلي ، هو إحتلال إحلالي ، يعمل على نزع الهوية العربية في فلسطين الشعب والأرض والمقدسات والتاريخ ، وها هو يقلع الأشجار المثمرة ، كي يقطع صلة الوصل بين الفلسطيني وأرضه ، كما انه يحاول تهويد القدس وهدم الأقصى ، ولم تسلم المقدسات العربية المسيحية من أذاه ، فنحن كلنا بالنسبة إليه هدف واضح يجب إصابته في مقتل ، ولذلك جاءت مشاريع الجمعية العربية لحماية الطبيعة لمقارعة مخططات العدو وتسجيل نقاط النصر عليه وقد فعلت .
أما بالنسبة للأردن فإنه وكما يعرف الجميع ، يحث الخطى نحو التصحر رغم أن غالبية أراضيه في الأصل صحراء قاحلة ، فإنعدام الزراعة ساعد في التصحر ، وزرع المساحات الحمراء الخصبة بالعمارات الإسمنتية سهل عملة التصحر ، إذ أن سهل حوران الذي كان أجدادنا يصدرون منه أفضل أنواع القمح إلى روما، لتصنع منه أفضل انواع المعكرونة ، وتقدمها في أفخم مطاعمها ، قد بات نهبا للتصحر والخراب ، وأصبح سكنا للبوم والغربان بعد أن لم تجد فيه البلابل مأواها المناسب.
لم تكتف رزان عيتر وشريكها القومي حسن جعجع بهذا الحد ، خاصة وأن الأضواء الإعلامية قد سلطت عليهما ، لكنهما قفزا عاليا وأصابا مشاريع الأعداء في مقتل ، فقد وصل إهتمامهما إلى الغذاء والأمن الغذائي العربي ،وأنجزا تشبيكا مهما في الغرب مع شركاء يرحبون بالعمل معنا ،لكنهم لم يجدوا السبيل المناسب للتواصل معنا ، فنحن لم نعد نحسن التشبيك مع من يقف معنا ، لأننا إرتضينا الجلوس مستسلمين في أحضان أعدائنا ، وندفع لهم الأجرة من جيوبنا وحتى الإكرامية لا ننساها .
الغذاء الغربي في خطر كما هوالمصير العربي ، لأن الغذاء هو الأساس، وتحضرني هنا مقولة لوزير الصحة الأردني الراحل د.عبد الرحيم ملحس ، إذ قال لا فض فوه :إننا نأكل من مزابل الغرب!! وعندها أجبر على تقديم إستقالته من منصبه كوزير للصحة لأنه قال الحقيقة التي لا يريد البعض لها أن تظهر .
ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد تساءلت م.رزان زعيتر ذات مقال :هل نحن في الأردن مؤهلون لمعرفة مكونات غذائنا المستورد من الغرب؟
وأنا اتساءل معها : وهل نحن في الأردن نعلم مكونات المنتجات الغذائية التي نستوردها من مستعمرة إسرائيل؟ وهل نعلم أن التوراة والتلمود يحضان على قتلنا نحن الأغيار :إذ ترد آية في التلمود تقول :أرسل لجارك الأمراض !!! وهذا ما يفسر الحالة الصحية المتردية للأردنيين والفلسطينيين على حد سواء، وإزدياد المد السرطاني والتشوه الخلقي للمواليد ، كل ذلك بفعل الغذاء المستورد من مستعمرة إسرائيل وهوائها الملوث المشبع بالإشعاعات النووية.
هذه هي م.رزان زعيتر التي يقال عنها عندما يرد ذكرها في الجلسات أنعم وأكرم ، في حين يقال عن الحكومات العربية "أجلكم الله "، وهي تستحق لقب إمرأة في أمة مجاهدة.