وقفة بتمعن امام معلومة طفت على السطح مؤخرا ، وهي ان الانفاق على الدواء في الاردن يشكل 30% من اجمالي الانفاق الصحي ، وهي من اعلى النسب في العالم !
والسؤال لماذا ؟ هل تعداد السكان في الكيلومتر المربع الواحد في الاردن من اعلى النسب في العالم ايضا .. أم هناك اسباب اخرى في مقدمتها حجم الهدر في الدواء ؟
ان سياسة توفير العناية الصحية المجانية قد شجعت على سوء استعمالها ، او الاسراف في استخدام المرافق الطبية والمعدات الطبية والادوية ، مما سبب ضغطا كبيرا على ميزانية الدولة وان كميات كبيرة من الادوية توصف في عالمنا الشرقي دون حاجة فعلية لها ، او بقدر زائد عن اللزوم .
وقد يؤدي ذلك الى تراكم كميات من الدواء الزائد عن الحاجة . وان حوالي اربعين بالمائة من المواطنين هم دون العشرين عاما ، مما يعني ان هذه الفئة ستكبر ، وستزداد حاجتها الى العناية والرعاية الصحية بمرور السنوات ، مما يتطلب التخطيط للمدى البعيد استنادا الى الاحصائيات السكانية الدقيقة .
وان اهتمام الناس بالطب الوقائي في تصاعد متواصل ذاته مسؤولية مالية كبيرة ، وارتفاع التكلفة المتواصل سنة بعد اخرى نتيجة للعوامل الديمغرافية ( السكانية ) ، وتزايد التكلفة الانتاجية والتسويقية عالميا ومحليا .
ولقد بينت وزارة الصحة في الحكومة السابقة ، ان النظام الصحي في الاردن يواجه تحديا يتمثل في الإنفاق الباهض على الدواء الذي وصل إلى زهاء 496 مليون دينار سنويا ، وما نسبته 36 % من حجم الإنفاق الكلي على الصحة ، وتتطلب الوضع إتباع سياسات دوائية رشيدة تقلص حجم الإنفاق غير الرشيد على الدواء !
اذن المشكلة الرئيسة تكمن في حجم الهدر في الدواء ! والسؤال هو : كيف يمكن لوزارة الصحة ان تضبط الهدر في الدواء ، وترشيد الاستهلاك غير الضروري ، ومراكزنا الصحية لا تزال تتعامل مع صرف الادوية بطريقة تقليدية ، وان حالات الازدواجية في التأمين الصحي منتشرة دون ضوابط فاعلة ، وان الاساس ان تكون الحوسبة شمولية تعكس بيانات عن كل مواطن مؤمن صحيا عن طريق رقمه الوطني ، وان تكون امكانية الدخول الى البيانات متوفرة
لجهات الاختصاص المختلفة في القطاعات الطبية سواء كانت مدنية ام عسكرية ! وبغير هذه الطريقة ، باعتقادي لا يمكن تعزيز دور الرقابة والمتابعة في ضبط الهدر ، وسيبقى حالنا في بوتقة النظريات بعيدا عن التطبيقات العملية الكفؤة لاقتصاديات التأمين الصحي الفاعلة ، حتى اذا وفرنا بطاقة تأمين صحي لكل مواطن !