الحكومة والغاز «الإسرائيلي»
د.رحيل الغرايبة
12-12-2014 02:13 AM
أنصح الحكومة بعمق،وبمنتهى الصدق والإخلاص ألا تقحم الأردن بصفقة الغاز «الإسرائيلي»، مهما كانت المبررات والمسوغات، وأنصح الحكومة ايضا ألا تُدخِل الاردن و الشعب الأردني بأزمة سياسية جديدة إضافة إلى الأزمة الاقتصادية، وينبغي قراءة المشهد المحلي بدقة، وألا تنساق خلف من يحاول التهوين من عواقب هذا القرار، تحت ظلال الضغوط الاقتصادية، ومحاولة الاتكاء على تخفيف فاتورة النفط على الشعب الأردني، لأن في ذلك تجاهلاً واضحاً ومتعمداً لموازنات وعوامل احرى عديدة؛ لها أثرها الكبير والفاعل في مجريات الحدث لا تقل وزنا وأثرا عن العامل الاقتصادي.
من أهم القضايا التي يجب الالتفات إليها أن الغالبية الساحقة من الشعب الأردني ترفض هذه الضفقة رفضاً قاطعاً، وقد تصل النسبة إلى ما يزيد على 80%، فهنالك بعض الاستفتاءات غير الرسمية وربما غير علمية،ولكنها تعبر عن واقع وحقيقة صارخة لا يمكن تجاهلها،مثل تلك التي أجرتها بعض المحطات الفضائية المحلية المحايدة؛حيث تشير إلى أن 88% من الذين أخذت آراؤهم يرفضون هذه الصفقة في حين 12% فقط أبدوا هذا الإجراء، وما جرى في المجلس مؤشر واضح وقوي على ما يجري في المجتمع والشارع الأردني.
مسألة الرفض ليست رأياً عاطفياً كما يحاول بعضهم تصويرالرأي المخالف، لأن» إسرائيل» ما زالت تمثل العدو رقم واحد للأمة العربية، وما زالت دولة محتلة غاصبة، وما زالت آثار احتلالها واغتصابها لفلسطين وأراضٍ أخرى قائمة، وما زالت ترفض عودة اللاجئين، وترفض حق العودة، وترفض الانسحاب، وما زالت تقيم المستوطنات في الأرض المحتلة، وما زالت تقوم بمخطط تهويد القدس والمقدسات والضفة الغربية والجولان، وما زالت حتى هذه اللحظة تمارس التهجير، وما زالت ترفض الاعتراف بحقوق الفلسطينين في إقامة دولتهم، وما زالت تمارس القتل والتدمير، ففي الهجوم على غزة قتلت (2000) شخص قبل أشهر، وقتلت قبل أيام وزيراً في الحكومة الفلسطينية، وقتلت قبل ذلك قاضياً أردنياً بدم بارد، ما يجعلنا أمام واقع و حقيقة قائمة ليست وهمية، فالفلسطينيون والأردنيون والعرب يشعرون بالخوف الحقيقي من كيان إرهابي، يستخف بكل ما هو عربي ولا يقيم وزناً لعهود ومواثيق ولا أعراف بشرية أو قوانين دولية، فهي بالمنطق السياسي البراغماتي الخالص ترفض الانصياع إلى كل القرارات الدولية الصادرة، حتى لو كانت مجحفة في حق العرب.
الغاز «الإسرائيلي» لم يمض على استخراجه بضعة أشهر، فليس معقولاً أن مصير الأردن ومستقبله الاقتصادي اصبح معلقا على هذا الحدث الجديد،فلا يُعدُّ ذلك امرا منطقياً، ولا قرارا سياسياً صائبا القول بأنه ليس لدينا بديل، فهذا منقوض بحكم الواقع، وجدّة الحدث، إذ ينبغي على الحكومة أن يكون لديها مجموعة بدائل ومجموعة خيارات، ولا يجوز أن تكون مرهونة لخيار واحد لا بديل عنه، فهذا مقتل سياسي، و هو أمر مخل بالسيادة، والقول الصحيح الذي يحترم عقول الأردنيين أن يقال لدينا مجموعة بدائل، ولكن هناك بديل أفضل من بديل أو اقل كلفة.
إن الاحتجاج بمعاهدة التسوية التي تمت في ظروف عربية سيئة وفي ظل موازين قوى مختله من اجل تبرير الصفقة أمر يجافي الصواب، ويخل بالحقيقة المرة، لأن المعاهدة لا تفرض علينا الارتباط المصيري بكيان احتلالي استيطاني متمرد، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تصف (إسرائيل) بأنها دولة صديقة استناداً إلى اتفاقية توقف حالة الحرب والاقتتال مع القوة المحتلة.
الشعب الأردني سيقدِّر للحكومة قرارها بإلغاء هذه الصفقة، والذهاب الفوري نحو البدائل الأخرى، والسير الجدي بإنجاز مشاريع الطاقة البديلة خلال مدة محددة، وأن تعمل على توظيف المنح الخارجية في هذا المسار، وعلى الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء أن يفكر عميقاً في تجنيب المجتمع الأردني هذه الدوامة الجديدة، وليفترض أن غاز المتوسط لم يتم اكتشافه بعد، خاضة أن سعر برميل النفط يهوي إلى ما دون الستين دولار، بمعنى أنه انخفض 50% تقريبا مما كان متوقعا،وهناك بعض الخبراء يقولون بأن سعر البرميل سيصل الى 50 دولار،في ظل البدء باستخراج النفط من الصخر الزيتي الامريكي بكميات كبيرة.
(الدستور)