تشير بعض التقارير الحديثة الصادرة عن مؤسسات دولية معتبرة، إلى جملة من الحقائق المرّة، والتوقعات المرعبة حول مستقبل سكان الكرة الأرضية، بالرغم ما وصلت إليه البشرية من تقدم علمي كبير وبالرغم من حجم المعرفة المذهل الذي أصبح بين أيدي الناس، والأجيال الجديدة والذي يفترض به ان يكون سببا في الوصول الى نتيجة معاكسة.
في التقرير الحديث الذي أصدره البنك الدولي ما يؤكد على وجود مليار من البشر يعيشون ظروف الفقر المدقع، حيث يحصلون على أقل من (1,25) دولار للفرد في اليوم، بينما يعاني أكثر من (800) مليون آدمي من سوء التغذية، أمّا المعلومة التي تبعث على التشاؤم القول بأن الظروف المناخية المتوقعة التي ستؤدي إلى احداث موجات من الجفاف سوف تدفع عدداً أكبر من الشرائح السكانية إلى السقوط في براثن الفقر والنزول تحت خط الفقر، لعدم قدرتهم على الصمود في وجه التقلبات والأضرار الاقتصادية المتوقعة.
تحذر بعض التقارير المختصة أنه سيطرأ ارتفاع ملحوظ على درجة حرارة الأرض ربما تصل إلى (1,5) درجة مئوية فوق مستوياتها المعهودة نتيجة لانبعاث الغازات المضرة بالغلاف الجوي بشكل كثيف من الدول الصناعية، حيث لم تستطع كل الجهود المبذولة على هذه الصعد من تخفيف حدة الضرر المتصاعد أو كبح جماحه، مما يشير إلى جملة من التوقعات حول ارتفاع مستوى سطح البحر، وتغير ملحوظ في الأحوال المناخية العالمية.
أما الوجه الآخر من المشكلة فيتعلق بزيادة حدة الحروب الأهلية والاقتتال الطائفي الذي يجتاح رقعة واسعة من المجتمعات البشرية، خاصة فيما يطلق عليها بلدان الشرق الأوسط، وبعض البلدان الافريقية والاسيوية، حيث تسببت في زيادة أعداد اللاجئين والنازحين والمشردين الذين لا يتوفر لديهم الحد الأدنى من مقومات العيش، سواء على صعيد السكن والمأوى أو على صعيد المعيشة والغذاء، أو على صعيد التعليم، فضلاً عن التدهور الذي يصيب الناحية الاقتصادية والاجتماعية على نحو شامل.
منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة «يونسيف» تعد عام 2014م عاماً كارثياً بحق الأطفال ومؤسسة الأسرة، حيث أن آثار الحروب المدمرة طالت أكثر من (15) مليون طفل في سوريا والعراق وفلسطين وجنوب السودان، ودول افريقية وآسيوية أخرى، وتشير التقارير الصادرة عن هذه المؤسسة أن الأطفال تعرضوا إلى ظروف مأساوية في غاية الوحشية والبشاعة، ويتعرضون إلى انتهاكات فظيعة.
تشير المعلومات الموثقة حول بعض آثار العدوان «الاسرائيلي» الوحشي الأخير على غزة أنه أسفر عن قتل (538) طفلاً من (2000) قتيل ضحايا الهجوم، بينما لحقت الاعاقة بـ (435) طفلاً غزاوياً، و(54) ألف طفل بلا مأوى في ظل ظروف بيئية قاسية .
أمر يدعو إلى الحيرة والدهشة، ويصاب المرء بالذهول من خلال الاطلاع على بعض هذه التقارير المتشائمة، وهي غيض من فيض، في ظل التقدم العلمي المذهل، وفي ظل تطور ملكات العقل البشري التي لم تقلل من مستوى الشقاء والعنف في المجتمع الانساني، ولم تفلح في تقليل نسبة الفقر في الكرة الارضية، أو خفض معدلات القتلى، ولم تستطع رفع مستوى الأمان للطفولة المعذبة.
«ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ» صدق الله العظيم.
(الدستور)