الحروب : أين سيذهب الفرق في الغاز الاسرائيلي؟
09-12-2014 07:11 PM
عمون - قالت النائب رولى الحروب أن " القيمة الحقيقية للغاز الاسرائيلي المزمع شراؤه يبلغ نحو 8 مليارات" ،متساءلة " أين سيذهب الفرق؟!".
ولفتت في مداخلة لها امام البرلمان الثلاثاء خلال مناقشات النواب لخطاب النوايا الذي نفذته الحكومة لشراء الغاز من اسرائيل " ان مخزون الغاز في الريشة 70 تريليون قدم مكعب يكفي الاردن خمسين عاما"، وقالت ان "جيوكويست سلمت دراستها للبترول الوطنية منذ 1999، فلماذا تقاعست الحكومة؟".
وتاليا نص المداخلة :
أيها الزملاء الكرام...
يدعي وزير الطاقة أنه ليس امامنا بدائل لحل أزمة الطاقة في الاردن الا باستيراد الغاز الاسرائيلي بديلا عن الغاز المصري الذي ادى انقطاعه الى اكبر أزمة مرت بها الموازنة الاردنية.
ولكن، هل هذا صحيح؟
عام 1999 تسلمت شركة البترول الوطنية دراسات شركة جيوكويست العالمية التي اشارت الى وجود 70 تريليون قدم مكعب احتياطي غاز في حقل الريشة . هذه الدراسة استغرق اعدادها 3 سنوات، وشاركت في اجرائها أهم شركة من شركات النفط في العالم هي شلمبرجر، وملخص الدراسة أن هذا المخزون من الغاز يمكن ان يغطي احتياجات السوق الاردنية واغراض التصدير لمدة خمسين سنة، بمعدل انتاج يتراوح بين 10-20 مليار قدم مكعب في العام.
الاجتماع الذي سلمت فيه الدراسة حضره وزير الطاقة انذاك سليم ابو عليم ورئيس مجلس ادارة البترول الوطنية محمد صالح الحوراني، واعضاء مجلس الادارة وباسم عوض الله مستشار الملك الاقتصادي انذاك. وهذه وقائع مثبتة في محاضر البترول الوطنية ونشرتها صحيفة البلاد في العدد 319 السنة السادسة بتاريخ 8 سبتمبر 1999، ولا يمكن لاحد انكار صحتها.
لماذا لم تفعل حكوماتنا الرشيدة شيئا منذ تاريخ تسليم تلك الدراسة حتى اليوم؟ ولماذا كان الفعل الوحيد الذي قامت به هو توقيع اتفاقية بشروط مجحفة مع شركة بريتيش بتروليوم التي بعدما طلبت من فريق الحفر الذي ذهب للعمل في البئر 47 طلبت منه فجأة ترك كل المعدات ومغادرة الموقع فورا، واذا بالشركة كلها تغادر المملكة فجأة وتنسحب من الاتفاقية، لنسمع بعد ايام معدودة من مغادرة بريتيش بتروليوم عن مذكرة التفاهم على شراء الغاز الاسرائيلي؟!
هل كانت بريتيش بتروليوم مخدوعة ومضحوكا عليها حين جاءت ووقعت اتفاقية امتياز مع الاردن لاستخراج الغاز من الريشة؟ هل كان كل خبرائها المحترفين من السذاجة بمكان بحيث انهم يهدرون وقت الشركة ومالها ومصادرها على حقل غير واعد؟
المبررات التي قدمت للشعب الاردني حول انسحاب برتيش بتروليوم لا تقنع طفلا.
هناك ستة آبار عاملة في حقل الريشة تنتج حاليا 5.8 مليار قدم مكعب سنويا، بعد ان كانت تنتج 10 مليار قدم مكعب سنويا عام 1994، والسبب في تراجع الانتاج هو عدم صيانة الابار، فلماذا؟ هل هذا سلوك لحكومة تبحث عن حل مشكلة الطاقة؟
أشارت استراتيجية الطاقة للوزارة المكتوبة منذ عام 2007 الى أن هذا الرقم يمكن ان ينمو الى 300 مليون قدم مكعب يوميا اعتبارا من عام 2015 في حال تطوير حقل الريشة وجذب شريك استراتيجي، لماذا ننتظر شريكا ؟ لماذا لا نبدأ نحن؟
إذا كانت صفقة الغاز الاسرائيلي ستجلب لنا 300 مليون قدم مكعب يوميا ، فإن تطوير حقل الريشة يعطينا نفس المقدار، باعتراف استراتيجية وزارة الطاقة، بل إن مجرد صيانة الابار وحفر ابار جديدة ضمن نفس التراكيب الجيولوجية يمكن ان يرفع هذه الانتاجية خلال عام الى مائة وخمسين مليون قدم مكعب يوميا وبكلفة لا تتجاوز مائة وخمسين مليون دينار، بحسب تقديرات الخبراء في شركة البترول الوطنية، فماذا ننتظر؟ ولماذا ندفع 15 مليار دولار مقابل شراء الغاز الاسرائيلي باسعار السوق العالمية ونمدد خط انابيب مكلف وتذهب ما نسبته 50-60% من هذا المبلغي الذي ندفعه من جيب المواطن الاردني ضرائب لخزينة اسرائيل، وتذهب البقية ارباحا للكونسورتيوم المكون من اربع شركات ثلاثة منها اسرائيلية وواحدة امريكية والذي يملك حق الامتياز في حقل ليفياثان الاسرائيلي الذي تنوي شركة الكهرباء الوطنية استيراد الغاز منه؟!!!!
الأهم أن هناك شبهات فساد في هذه الاتفاقية المزمعة، والدليل هو ورقة سياسات منشورة على موقع معهد واشنطن للدراسات كتبها المحللان الرئيسيان في المعهد وهما سيمون هندرسون وديفيد شنكر بتاريخ 3 سبتمبر 2014 بعنوان: خيار الطاقة في الاردن: نذهب مع اسرائيل.
في هذه الورقة يقول المحللان ان السعر الحقيقي للغاز المزمع استيراده بالربط مع أسعار السوق العالمي هو ثمانية مليارات دولار وليس خمسة عشر مليار دولار كما ورد في مذكرة التفاهم، وهذا يعني أن هناك سبعة مليارات زائدة عن السعر الحقيقي ، فإلى أين ستذهب يا ترى؟ وإلى أي جيبة؟!
أطالب الحكومة بتخصيص مبلغ لا يقل عن مائتي مليون دينار في موازنة 2015 لصالح شركة البترول الوطنية ورفدها على الفور بخبراء البترول المحترفين والشروع فورا باستصلاح ابار حقل الريشة والتوسع في استخراج الغاز من هناك.
وأطالبها باستصلاح شبكة الكهرباء الرئيسة وفروعها لاستيعاب الوارد من مشاريع الطاقة الشمسية، وطرح عطاءات فورية لتوليد الكهرباء من النفايات الصلبة ، وتوجيه الجامعات لاجراء الابحاث العلمية اللازمة لاستخراج الطاقة من الحرارة الجوفية لباطن الارض، وتعديل استراتيجية الطاقة لرفع اعتماديتنا على طاقة الشمس والرياح وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة الآمنة الى 30% من خليط الطاقة.
وأطالبها بالاعلان على الفور عن إنشاء شركة مساهمة اردنية عامة للاستثمار في الصخر الزيتي بأموال الاردنيين، بدلا من انتظار الشركات الاستعمارية من مثل شل البريطانية التي أجلت كل اعمالها حتى عام 2020 وهو ما يشي بوجود تواطؤ عالمي ضد الاردن لوضع اقتصادنا في زاوية ضيقة، فإما الغاز الاسرائيلي وإما العجز والفقر والمديونية!!!
كما أطالبها بوضع استراتيجية لتحسين النقل العام والمباشرة بإنشاء السكك الحديدية والباصات السريعة والقطارات الخفيفة لأن جزءا كبيرا من فاتورة الطاقة يستهلكه قطاع النقل.
وأطالبها ايضا بمعالجة فاقد الكهرباء الذي يتسبب بهدر 300 مليون دينار، ومعالجة مشاكل مصفاة البترول التي ترفع علينا سعر المشتقات النفطية بنسبة لا تقل عن ثلاثين في المائة بسبب تدني كفاءتها، وفتح السوق امام استيراد النفط والغاز ومشتقاتهما، خاصة وأن ميناء الغاز المسال في العقبة سيصبح جاهزا للعمل مع الربع الثاني من عام 2015، وهو ما يؤهلنا لشراء الغاز من اي مكان في العالم دونما حاجة لرهن اقتصادنا بيد اسرائيل لمدة خمسة عشر عاما قادمة .
إنني أهيب بمجلس النواب الاكرم رفض المضي قدما في هذا المشروع الخطير الذي يهدد امننا الاستراتيجي، والزام الحكومة بالعمل الجاد على توفير بدائل الطاقة، وبعدها يكون لكل حادث حديث.