تحققت خطة الحكومة بالتحول من الاقتراض المحلي بالدينار الأردني إلى الاقتراض الخارجي بالدولار الأميركي بحجة عدم مزاحمة القطاع الخاص في الحصول على التسهيلات المصرفية، وتخفيض كلفة الفوائد، وتعزيز احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية وكلها حجج واهية.
تشير أرقام وزارة المالية إلى أن الدين العام المحرر بالدينار الأردني انخفض خلال النصف الأول من هذه السنة بمقدار 155 مليون دينار، في حين ارتفع الدين العام المحرر بالدولار بمقدار 1150 مليون دينار (1621 مليون دولار).
إذا استمر هذا الاتجاه الكاسح فإن من المتوقع أن يرتفع الدين العام خلال هذه السنة بأكملها بمقدار 2 مليار دينار، أي بما يعادل 8ر7% من الناتج المحلي الإجمالي.
هذه النسبة العالية تمثل العجز الحقيقي في مالية القطاع العام، بما في ذلك دعم الكهرباء والماء مما لا يرد ضمن النفقات الجارية في الموازنة العامة المركزية، الأمر الذي جعل المديونية ترتفع بما يعادل ضعف العجز في الموازنة.
مما يلفت النظر أن شركة الكهرباء الوطنية المملوكة من الحكومة بنسبة 100% لا ترد ضمن بيانات الوحدات الحكومية المستقلة، وكأنها من شركات القطاع الخاص، مما يشوه الأرقام. ينطبق ذلك على شركة مياهنا أيضاً.
بافتراض أن النمو الاقتصادي هذه السنة سيكون في حدود 8ر6% بالأسعار الجارية، نتيجة نمو حقيقي بنسبة 5ر3% وتضخم بنسبة 2ر3%، فإن حجم الناتج المحلي الإجمالي في هذه السنة سيكون في حدود 4ر25 مليار دينار.
في هذه الحالة، فإن المديونية التي ستبلغ 1ر21 مليار دينار، ستشكل 1ر83% من الناتج المحلي الإجمالي وهي
نسبة عالية تقترب كثيراً من الخطوط الحمراء إن لم تكن قد تجاوزتها، وتلقي ظلالاً من الشك على فعالية برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يراقبه صندوق النقد الدولي ولا يرفع إصبعاً ضد ارتفاع المديونية والمبالغة في التحول للاقتراض الخارجي الذي لا يخلو من الخطورة.
الحكومة لا تقترض لتمويل مشاريع اقتصادية، فهذه المشاريع يمكن تمويلها من المنح الأجنبية والخليجية. الحكومة تقترض لتمويل نفقات التشغيل المعتادة من رواتب وأجور وإيجارات وفوائد ودعم. والذين يطالبون بمكاسب مالية من الخزينة يعرفون أنهم يضغطون من أجل اقتراض المزيد من المال لتلبية طلباتهم ولو على حساب المخاطرة بأمن البلد المالي.
(الرأي)