ملامح قانون الانتخاب الجديد
د.رحيل الغرايبة
09-12-2014 02:33 AM
آن أوان طرح مشروع قانون الانتخابات الجديد للحوار والمناقشة على المستوى الشعبي، وعلى الصعيد الحزبي، قبل الذهاب به الى مجلس النواب، لأن الوقت المتبقي لنهاية الدورة لا يتسع لإنضاج صيغة وطنية مقبولة لدى عامة شرائح المجتمع ومكوناته، حيث إن قانون الانتخابات يمثل أداة مهمة من أدوات صياغة المرحلة القادمة لأردن المستقبل بكل تأكيد.
التسريبات تفيد بأن المقترح الحكومي لمشروع القانون الجديد يتمثل بالقائمة الوطنية النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة، وهي الصيغة المشتقة من نتائج لجنة الحوار الوطني، بدلاً من القائمة الوطنية على مستوى المملكة، وذلك من أجل معالجة التخوفات المتأتية من افتراض أن المحافظات الكبيرة سوف تستأثر بحصة الأسد أو يمكن أن تستحوذ على كافة القائمة نتيجة الازدحام السكاني في بعضها دون بعض، مما جعل الاقتراح يتوجه نحو ان تكون القوائم على مستوى المحافظات، فكل محافظة لها قائمتها، وتحتفظ بحصتها من المقاعد حسب ما كان سابقاً أو بالنسبة نفسها.
مصطلح النسبية يعني أن كل قائمة تحصل على عدد من المقاعد يوازي ما حصلت عليه من نسبة تصويتية، مما يحول دون استئثار توجه محدد بكامل المقاعد على طريقة القائمة المطلقة، أما كونها مفتوحة فيعني ذلك أن يتم التصويت للقائمة، ثم يحق للناخب أن يختار عضواً من القائمة، من أجل الوصول إلى ترتيب المقاعد الفائزة بحسب قدرة الأشخاص داخل القائمة على الحصول على أكبر حجم تصويتي من الناخبين على مستوى القائمة، وليس على طريقة القائمة المغلقة كما كان سابقاً، حيث شكل ذلك عائقاً أمام قيام التحالفات الحقيقية نتيجة الاختلاف على الترتيب داخل القائمة بشكل مسبق، مما يعني حل هذه المشكلة عن طريق جمهور الناخبين.
مشروع القائمة الجديد له حسناته المؤكدة، ويمثل خطوة إيجابية على صعيد الاتجاه نحو تنافس القوائم، مع معالجة الهواجس لدى شرائح اجتماعية بسيطرة اتجاه سياسي معين، أو سيطرة المحافظات الكبرى، ولكن يبقى هناك سلبية بخصوص المحافظات الصغيرة التي لها أربعة مقاعد أو ثلاثة، مثل مأدبا وعجلون وجرش، مما يجعل تقسيم المقاعد بحسب النسب أمر يكتنفه الصعوبة وليس مقنعاً، بينما يمكن تصور ذلك جيدا على مستوى القوائم الكبيرة التي تحوي عشرة مقاعد فأكثر.
وهنا يمكن التفكير باقتراح آخر يمكن أن يكون قابلاً للحوار والمناقشة، بحيث تكون القوائم على مستوى الأقاليم، وذلك بتقسيم المملكة إلى ثلاثة أقاليم، شمال ووسط وجنوب، ويمكن أن تكون القائمة مشتملة على عدة محافظات مع الاحتفاظ بحصة كل محافظة بطريقة محددة.
قوائم الأقاليم تعالج معضلة توزيع المقاعد التي تراعي الأطراف والمحافظات البعيدة والبعد التنموي كذلك، وفي الوقت نفسه يمكن الاقتراب من وجود قائمة كبيرة تضم تحالفات سياسية ومكونات اجتماعية، مما يجعلها قادرة على معالجة آثار الصوت الواحد، وتهيء الفرصة لإعادة النهوض بالحياة السياسية، عن طريق تشكيل كتل انتخابية كبيرة داخل المجلس النيابي، وتعالج الحالة السياسية الباهتة التي يظهر عليها المجلس من حيث ضعف البرامج وغياب الكتل البرلمانية الحقيقية، وطغيان النزعة الفردية.
مشروع الأقاليم الذي سبق طرحه سابقاً، ووجد هجوماً غير مبرر، يمكن أن يعاد التطرق إلى هذه الفكرة وإنضاجها، عوضاً عن القائمة الواحدة على مستوى الوطن أو القائمة الوطنية على مستوى المحافظات، ويمكن أن تكون خطوة معقولة على صعيد التطوير السياسي والاصلاح المأمول.
(الدستور)