الاستثمار المحلي والمسؤولية المجتمعية: مجموعة المناصير أنموذجاً!!
د. زيد نوايسة
08-12-2014 08:46 PM
سيادة مفهوم العولمة في العقدين الأخيرين، وتراجع أهمية الحدود الجغرافية بعد ثورة التكنولوجيا والاتصالات، وتحول الصراعات بين الدول من سياسية إلى اقتصادية، فرضت أهمية استثنائية لمفهوم الاستثمارات الأجنبية، فأصبح معيار نجاح أي حكومة هو في قدرتها على جذب الاستثمار وتوفير البيئة والمناخ الجاذب الذي يعطي للبلد ميزة تنافسية وتفضيلية، لأن هذا يعني في المحصلة زيادة الدخل القومي وخلق فرص عمل تخفف من البطالة وبنفس الوقت استثمار الإمكانيات والموارد الطبيعية والبشرية.!!.
والحقيقة أن الأردن قد خطى في السنوات الأخيرة خطوات متقدمة في تشجيع الاستثمار وجعل الأردن جاذبا للاستثمار الأجنبي والعربي، من ناحية توفير البيئة القانونية والتشريعية الملائمة، والاستفادة من المميزات والأسباب التي تجعل الأردن مناخاً جاذباً للاستثمار ولعل أهمها: البيئة السياسة المستقرة والموقع الاستراتيجي المميز، ووجود رزمة من الحوافز والإعفاءات الضريبية وسهولة الوصول إلى الأسواق العالمية وتوافر المناطق الحرة والمدن الصناعية والبنية التحتية وأنظمة الاتصالات المتطورة بالإضافة للموارد البشرية المؤهلة والقادرة على التنافس، ووجود قطاع مصرفي وتأميني كفؤ، ولكن الأهم هو وجود إرادة سياسية عليا في إعطاء هذا الجانب المهم أهمية قصوى، والحد من نفوذ قوى الشد العكسي التي تخلق المعوقات والقيود!!.
يمكن الحديث عن قصص نجاح كثيرة في جذب الاستثمار الخارجي للأردن ولكن يمكن الحديث أيضاً عن قصص أخفاق واستغلال أكثر كان هدف المستثمر منها الدخول في استثمارات اعتمادا على تسهيلات بنكية محلية وتحقيق عوائد مرتفعه نتيجة بيعها لاحقاً، وحتى المغادرة دون دفع الالتزامات الضريبية المترتبة عليه شخصياً!!، رغم أن الحديث أيامها عن ذلك المستثمر ومآثره على الاستثمارات كانت تملء السمع والبصر إشادة وثناءً وتأخذ حيزاً من تفكير الناس والإعلام واهتمامهم واندهاشهم، بالرغم من انه دخل الأردن ببذلته الأنيقة فقط، وغادره محملاً بالملايين من الأرباح دون "رأسمال" !!.
ما حثني على الكتابة اليوم عن الاستثمار وأهميته، أنني كنت في زيارة صديق يعمل في أحدى المؤسسات المعنية بإجراءات الاستثمار، واستمعت لحوار حاد بين مستثمر عربي وصديقي الموظف ، كان هذا"المستثمر" يركز على انه يقدم خدماته وخبراته ويوظف أمواله ويستثمرها وبطريقة يشعرنا فيها بأنه رفع من عوائد الدخل القومي من "مشروعه" العتيد، ليخبرني صديقي بابتسامة أن "صاحبنا" يملك "مخبز" لصنع الحلويات كل العاملين فيه من بلده؟!!، عندها فقط تذكرت أننا مبدعون ومتميزون في الحديث عن قصص الآخرين المتواضعة والغير مجديه في اغلب الأحيان وتجاوز قصص نجاح أردنية حقيقية وصادقة لأردنيين آمنوا بأن الانتماء هو العمل والإنجاز وبعيداً عن الأضواء!!.
هناك أردنيون كثر استثمروا في بلدهم دون ضجيج واستعراض وآمنوا بأن الانتماء لبلدهم ليس قصائد شعر وملاحم وبطولات مسفوكة على الورق دون أن تضيف أي قيمة تذكر أو توفر فرصة عمل لمحتاج!!، من قصص النجاح الأردنية التي تشعرك بالفخر والاعتزاز بشبابنا: نموذج فريد من الشباب الأردني يستحق التقدير والإشادة والشكر، رجل الأعمال الأردني المغترب المهندس زياد المناصير الذي انشأ مجموعة استثمارية كبرى في الأردن، تتكون من ثلاثة عشر شركة في قطاعات صناعية متعددة، كالحديد والصلب والاسمنت والصناعات الغذائية والزيوت وقطاع الطاقة والنفط ، تلك الاستثمارات التي انتشرت على مساحة الأردن من أقصاه لأقصاه ، ووفرت أكثر من سبعة الاف فرصة عمل، يديرها شباب أردني مؤهل وكفء في مقدمتهم المهندس الناجح معين قداده، والذي يؤمن بأن الاستثمار الوطني الناجح لا تكون مهمته الأساسية جني الأرباح وتعظيمها فقط ، بل يتحتم عليه السير بخط متوازي مع تعزيز المسؤولية الاجتماعية لهذه الشركات وخدمات المجتمعات والبيئات التي أنشئت فيها، وتوفير فرص عمل لأبنائها بالإضافة للتدريب والتأهيل والمنح الدراسية والمعالجات الطبية والمعونات المالية وغيرها!!.
نحتاج لكل جهد يعزز من الفرص الاستثمارية في الأردن، ونحتاج أكثر للبحث عن أردنيين مؤمنين بأن الاستثمار هو انتماء أولا قبل أن يكون تعظيم ربحية وهم بالتأكيد موجودين ومنتشرين في العالم ودول الخليج العربي ولديهم استثمارات ضخمة ناجحة وفي مختلف المجالات، وربما من المناسب أن تهتم السفارات الأردنية بالتواصل معهم وحثهم على إعطاء بلدهم جزء من تلك المشاريع فهذا من اقل حقوق الوطن عليهم!!.
ختاماً، المسؤولية المجتمعية هي في المحصلة استثمار أنساني نبيل سينعكس على العلاقة بين الناس والمستثمر لأنه يساهم في خلق شعور بأن الجميع شركاء بأي عائد إضافي والذي سينعكس على المجتمع!!، بالإضافة إلى أن الفرص والمميزات الاستثمارية المتوافرة لمجموعة المناصير خارج الأردن كثيرة وربما تحقق عائديه وأرباح أعلى ولكن الهاجس والانتماء والأيمان بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية نحو الأردن هي عامل المفاضلة الأول في عقل مالك ومؤسس هذه المجموعة الرائدة ومن يديرها من الكفاءات الأردنية المؤهلة!!.