ان مفهوم التطرف لا يقتصر على الأنماط السياسية والدينية فحسب بل يذهب لأبعد من ذلك بكثير ليشمل الحالة الاقتصادية ومختلف شؤون الحياة ويقصد بالتطرف هو الابتعاد سلباً عن الفطرة الايجابية لموضوع ما فالاصل في الاقتصاد أن يكون قوياً ونشيطاً ومعافى لكي يكفل حياة كريمة للمواطن ويؤمن قوة لرجل السياسة وعندما يتعرض الاقتصاد للخمول والكسل فإنه بذلك يخالف الفطرة ويصبح اقتصاداً متطرفاً وبيئة خصبة لولادة الارهاب وتفشي الجريمة.
ونحن في الأردن نعاني من تدهور الحالة الاقتصادية لذلك بات اقتصادنا متطرفاً ومستعداً لولادة خلايا جُرمية وإرهابية وأنني استغرب على تلك الدول كيف تتحالف مع اقتصاد متطرف لمكافحة الارهاب وهي تعلم جيداً أن معالجة ودعم ذلك الاقتصاد المتطرف لكي ينشط ويتعافى افضل بكثير من محاربتها للارهاب بالطريقة الحالية ولو كانت تلك الدول الكبرى صادقة في ما تعلن عنه ومهتمة بالدفاع عن الإنسان وحقوقه لذهبت نحو معالجة تلك الاقتصاديات الكسولة وانتشالها وبالتالي كان من الممكن بفعل ذلك السيطرة بشكل ممتاز على الارهاب وتقزيمه.
أما التغني ورعاية الاقتصاد المتطرف ومكافحة الارهاب معاً فهذا امر غير منطقي لأنهما شأنان متناقضان متوازيان لا يلتقيان لذلك نحن في الاردن أحوج ما نكون لمعالجة المرض الاقتصادي كأولوية فعلاً لا قولاً مع مراعاة ان تلك العقول القديمة التي شاركت واوجدت وعاشت مراحل تضخم ذلك المرض لن تكون قادرة بالتأكيد على وصف العلاج الشافي لهذا المرض المزمن بدليل أن موازنة الدولة لهذا العام قامت على افتراضات خاطئة اعتماداً على سعر نفط مرتفع نتيجةً لاستمرار تلك السياسة الفاشلة في التعامل مع الملف الاقتصادي وما لبث النفط ان انخفض الى ما يعادل 40% من تلك التقديرات ليشكل مأزقاً مالياً جديداً قد يظهر في القريب العاجل اي ان الاعمدة التي قامت عليها موازنة الدولة وأُقرت من مجلس الامة ستكون واهنة وجاهزة للتصدع امام اي نسمة هواء قد تعترض الاقتصاد.
ان ما تسميه الحكومة مسيرة الاصلاح الاقتصادي ما زالت تتخبط وخير دليل على ذلك مشروع قانون الضريبة غير المقنع والذي جاء ليخدم أصحاب الدخول المتغيرة على حساب أصحاب الدخول الثابتة وقد أصبحنا من الدول الاولى في مجال تضخم حجم الضرائب فهنالك المثلث الحديدي لكل من الجمارك وضريبتي الدخل و المبيعات ومن شأن استمرار بقاء هذا المثلث بوضعه الحالي زيادة انخفاض حرارة الاقتصاد مما سيؤدي الى تجمده وبالتالي القضاء على ما تبقى منه خلال الحقبة القادمة.
سائلاً العلي القدير أن يحمي الاردن ويحمي شعبه ويعافي اقتصادنا المتطرف ويُعيده الى الفطرة انه نعم المولى ونعم النصير.