الجامعات ، الموجود والمطلوب !!
د. عادل محمد القطاونة
07-12-2014 02:21 AM
بين طالب أكاديمي وطالب هوائي ، مدرس متخصص ومدرس متوجس، وبين محاضرات تحفيزية وأخرى تلقينية، كتب منهجية ودوسيات منسوخة، وبين مجلس للأمناء ومجلس للعمداء، مجلس للكلية وآخر للقسم وفي ظل حاكمية منقوصة وشهادات مقروءة ، قيم مفقودة ومشاكل موجودة يتساءل البعض عن واقع التعليم العالي بشكل عام وعن واقع الجامعات بشكل خاص !!
لقد خطت الجامعات في الأردن منذ العام 1962 منحاً تصاعدياً من حيث أعداد الطلبة والكليات، التخصصات والأقسام ، وقدمت عبر سنينها السابقة جملاً من القيم العالية وفيضاً من المبادئ الراسخة ، أفواجاً من الخريجين وأعداداً من القيادين ، ولكن وفي خضم كل هذه المتغيرات والمعادلات بدا واضحاً للقاسي والداني أن ثمة خلل في معادلة بعض الجامعات فأسلوب التدريس التقليدي القائم على التلقين والحفظ، وقصور البحث العلمي ، وعدم التواصل المستمر مع الطلبة من قبل الأطراف ذات العلاقة ، وقصور بعض عمادات شؤون الطلبة في أداء دورها الحيوي في التواصل ، وغياب المدرس الجامعي عن المشهد بشكل كامل وإقتصار دوره على الجانب الأكاديمي فقط، وإنعدام التواصل مابين العائلة والجامعة ، وإنعدام الثقة ما بين المدرس والطالب الجامعي ، وما بين العائلة والطالب الجامعي ، وإستمرار سياسة الفزعة تارة والمحاباة تارة أخرى والتلويح بالعقوبات في حالات أخرى قد شكلت كل منها عناصر سلبية مؤثرة في عملية الإنتاج وبدا أن بعض جامعاتنا أضحت مغامرات للبعض فغدت المعادلة هشت والمنتج ضعيفاً !!
ان اصرار البعض القليل من طلبة ومدرسين ، اداريين وقياديين على اغتيال الجسم الجامعي عبر المشاجرات والمهاترات تارة ، الفزعات والمغامرات تارة أخرى أدى الى وجود فجوة ما بين ما هو مطلوب وما هو محقق؟ بين ما هو موجود وما هو متوقع؟ ان معادلة وطنية عميقة ، ورؤية شمولية دقيقة تكفل الانتقال للبعض من فكر تقليدي جهوي الى فكر اكاديمي منهجي تحكمه القوانين والأنظمة وصولاً لجامعات عالمية بأفكار تقدمية تعزز مفهوم العلم وتدعم كل الأفكار العلمية التي تسهم في تحقيق لبنة في الجسم الوطني.
لقد نشرت جريدة الشرق الأوسط في العام 2013 تقريراً بين أهمية التعليم العالي في رفد الاقتصاد البريطاني بمليارات الجنيهات الاسترلينية سنوياً ومدى أثر ذلك على رفد خزينة الدولة بالايرادات بشكل مستمر كما بينت هذه التقارير على أن الجامعات تعتبر منتجاً ذا أهمية قصوى بالنسبة للدولة وتخضع لمجموعة معقدة من الانظمة والتعليمات التي تحكم سلوك الطالب والمدرس والمنهج العلمي ضمن بعد منهجي بعيداً عن الاجتهادات والمغامرات!!
ختاماً فان على الجميع أن يدرك أن الجامعات لها دور محوري في بناء المستقبل الأمثل ضمن رؤية شاملة ناقدة تكفل تعظيم المنجز وتصحيح الأخطاء ، وأن على كافة الإدارات الجامعية أهمية تعزيز الدور المناط بعمادة شؤون الطلبة وبناء جسور الثقة ما بينها وبين الطالب بشكل حقيقي وأن يكون لها دور القيادة في سلوك الطالب الجامعي ، كما أن على عمادات الكليات وتحديداً الإنسانية منها والتي تكثر فيها المشاكل دون غيرها من الكليات العلمية في أن تعطي موضوع البحث العلمي أهمية قصوى ، وأن نعلم طلابنا أهمية البحث العلمي، وأهمية الجلوس في المكتبة حتى يصبح الوقت ضيقاً بالنسبة للطالب فينشغل بالبحث والدراسة هاجسه النجاح والتفوق ، في مقابل ذلك يجب العمل على محاكاة الطاقة الزاخرة لطلابنا فالنشاطات اللامنهجية من رحلات ومسابقات وندوات وغيرها من الأمور ذات الأهمية فيغدو برنامج الطالب مليئاً بالخطط والأفكار وتغدو حياته الجامعية مبنية على معادلة صحية تكفل له إنطلاقة بناءة في بناء مجتمعه بعد أن قدمت له معادلة التعليم العالي جملة من الأفكار البحثية والتعليمية وساهمت في رفع منسوب الثقافة والشخصية والثقة لديه فتصبح المعادلة دقيقة والمنتج فعال .