نادي رؤساء السلطات السابقين
شحاده أبو بقر
06-12-2014 07:37 PM
قضت مشيئة الله سبحانه وتعالى أن أعمل منذ العام ١٩٩٦ وحتى الآن مستشارا مع عدد كريم من الرؤساء وفي السلطتين التنفيذية ً الحكومه ً ، والتشريعية ً مجلس الامه ً ، وكان عملي معهم إما مباشرة او منتدبا او مكلفا من جهة الى أخرى ، وكنت قريبا من رؤساء آخرين بحكم وجودهم اعيانا او نوابا ، وتعرفت الى العشرات من الاعيان والنواب والوزراء بحكم عملهم في الحكومة والبرلمان كذلك .
وتبعا لذلك فقد إطلعت على الكثير من التفاصيل وربما الاسرار احيانا، وسافرت كثيرا وتدخلت كثيرا وكتبت كثيرا وحرصت دوما على ان لا اظهر في المشهد وان اكون امينا على عملي ما إستطعت ، ولم احاول قط والحمد لله ان اتسلق على اكتاف غيري ، ويشهد طيبو الذكر انني لم اتفوه قط بكلمة تسئ الى اي من زملائي في العمل ، ولم اقل في اي منهم الا خيرا إن تمت إستشارتي بشأنه ، ولم اكن ممن يقومون بعملهم وحسب ، بل كنت اتجاوز ذلك الى المبادرة بالاقتراح الذي لم يرد يوما بحمد الله ، ولم انتظر شكرا من احد لسبب بسيط جدا هو قناعتي بانني اخدم بلدي وهذا واجب لايحتمل المنة او الشكر .
تلك مقدمة ليست للشخصنة والله على ذلك شهيد ، وإنما لا بد منها لتقرير انني مطلع عن قرب ،
وبالتالي فإن شهادتي تنطلق من خبرة ومعرفة وعن كثب بهؤلاء الطيبين من رجال الدولة رؤساء السلطات الذين عرفت ، فقد اجتهدوا ومن أصاب منهم فأجره على الله ، ومن اخطأ فالله به خبير ، ويقينا ولكي ننصف ، فإن الصورة العامة ليست قاتمة الى الحد الذي يصوره بعضنا ، وان للظروف الاقليمية والدولية المرهقة أثرها الذي يخفى عن كثير منا ، وليس عبثا ابدا ان بلدنا ما زال واقفا وسيبقى بعون الله برغم ما يواجه من مصاعب وتحديات تنوء دونها اقوى قوى الارض ، وهو حال وجب أن نحمد الله الكريم عليه كثيرا ، وان ننزل الناس منازلهم ونقر بفضل الله اولا ، ثم كل من كان له يد او دور في تجنيب الاردن الشرور .
يتعرض بعض هؤلاء الكرام وربما جميعا الى النقد وهو مباح ، والى الانتقاد وحتى التشهير احيانا وهو إنسانيا غير مباح ، خاصة عندما يتناول الشخص لا الإنجاز ، وبعضهم يرد وبعضهم يصمت من منظور ان الشخص العام لا بد وان يتحمل النقد حتى لو تجاوز الحدود ،وتلك سمة اردنية قلما تجدها في دول غير دولتنا ، حتى لقد غدا المنصب العام في نظر الكثيرين في بلدنا سببا لتلقي التهم والاشاعات ، وربما إغتيال الشخصية احيانا ، ولم يعد مطمعا او مطمحا للكثيرين على النحو الذي كان .
بالطبع ليس الذوات المشاراليهم معصومين عن الخطأ ، فهم بشر لهم هفواتهم ولهم اخطاؤهم ، وهم وكسائر البشر يتمايزون في قدراتهم ، لكنهم وللامانة مخلصون في حدود ما يستطيعون ، وكل منهم يتمنى او هو تمنى ان ينجح وان يتميزفي ادائه ، وبالطبع كذلك فان لكل منهم ظروفه التي عمل في ظلها ، ومن هنا تمايزوا في العمل ، وتباينت آراء العامة فيهم، بعضهم أنصفه كثيرون وبعضهم ظلمه آخرون قليلا او كثيرا ، ومنهم من آثر الابتعاد والخروج من المشهد ، فقد دلهم يقينهم الى ان لا سبيل للنجاة من النقد او حتى التجريح ، ولهذا إختاروا الطريق الآخر .
مشكلة هؤلاء الطيبين وكسائر رجال الدولة الاردنيين هي عدم وجود رابط مؤسسي بينهم ، فهم عمليا مجرد افراد لا يجمع بينهم او بين بعض منهم إطار سياسي حقيقي لا صوري ، وهم لا يلتقون بعد مغادرة موقع الرئاسة الا لبعض الوقت في مناسبات عامة ربما ، لتبادل حديث مجاملات لا اكثر ، خلافا لنظرائهم في الدول الديمقراطية المتقدمة عندما يعود رؤساء السلطات الى احزابهم ، في مشهد يبني لهم مزيدا من علاقات التواصل مع اقرانهم ومع سواهم في احزاب سياسية زميلة أخرى ، وبالتالي لا تنقطع صلاتهم بالهيكل الرسمي لدولهم ، ولا يجلسون في بيوتهم إنتظارا لفرصة جديدة قد تأتي او لا تأتي .
ما الذي يحول مثلا دون أن يبادر رؤساء السلطات السابقين كافة ً الحكومة والبرلمان والقضاء ً في بلدنا الى تاسيس ناد او منتدى يجمعهم دوريا او اسبوعيا مثلا للتداول في شؤون البلد بسوية وازنة مسؤولة وموضوعية يقدمون عبرها المشورة والنصح للحكومات ومختلف مفاصل الدولة ليكونوا عونا لها ، من منطلق انهم رجال دولة مسؤولون سواء أكانوا في سدة المسؤولية ام خارجها ، وعليهم واجب إسداء النصيحة بعيدا عن المناكفات والانتظار الذي لا يستقيم مع مواقعهم المتقدمة في المجتمع .
شهادتي فيهم كانسان مراقب انهم رجال متميزون جميعا ، ولديهم من الطاقات والخبرات الكثير مما يمكن ان يفيد منه الوطن ، وان لقاءهم مؤسسيا امر ضروري وفيه مصلحة وطنية وإنسانية بارزة ، وما دام اللقاء غير متاح حزبيا فهو متاح من خلال ناد وازن راشد بمعزل عن الظهور الاعلامي ، ومن اجل هدف وطني عزيز هو رفد الدولة بالمشورة والنصح ولمصلحة الجميع ، وبالذات في هذه الاوقات الصعبة التي تجتازها المنطقة بأسرها والاردن جزء رئيس فيها ،وما ينتظر الإقليم كله من ترتيبات وإجراءات قد تكون حساسة ومفصلية تحدد مستقبل الجميع بلا إستثناء .
هذه الدعوة تخص رؤساء السلطات السابقين وحدهم دون سواهم ، ويمكن لهم إستقطاب القادة السابقين للاجهزة العسكرية والامنية كذلك ، فالرجال الطيبون الذين تسنموا تلك الرئاسات حري بهم ان يلتقوا على خير البلد ، وانا اعرف جيدا ان لديهم ما يقدمونه ليس على مستوى النصح وحسب ، بل وفي المبادرة الى حل مشكلات عامة ، وتقديم مقترحات مفيدة ورؤى صائبة كل بحسب إجتهاده ، ولهذا فإن انخراطهم في تجمع إيجابي منظم ، مفيد بالضرورة لهم وللبلد عموما ، عندما ينضوي تحت لوائه كبار الساسة والبرلمانيين والقضاة في ناد هو اشبه ما يكون بحكومة ظل راشدة غايتها النصح لا المناكفه ، ولا يضيرهم دعوة الرؤساء والقادة العاملين في سلطات الدولة لغايات تبادل الرأي والمشورة كذلك وكلما دعت الحاجة ، في مسار تشاوري متزن مغلق غايته المصلحة العامة للدولة والوطن .