هو مجرّد إعلان مدفوع الأجر لأحد المراكز الطبيّة كنتُ قد شرعتُ في قراءته والمنشور بإحدى الصحف الأسبوعية.. فحوى الإعلان يدور حول ضغط الدم والعوامل المسببة له وكيفية التعامل معه وطرق الوقاية، وعند الوقاية والتي جاءت في آخر الإعلان، كانت هناك عدة إرشادات كان ختامها جملة مثيرة وهي ( الاختيار المناسب للزوجة المناسبة).. أعدتُ قراءة الجملة معتقداً بأنني سرحتُ قليلاً أو إن هذه الجملة لا علاقة لها بالإعلان.. فركتُ عيناي جيداً فتيقنتُ أن الاختيار المناسب للزوجة يعد من طرق الوقاية من ضغط الدم بحسب الإعلان.. وبالتحليل الموضوعي والقراءة المتأملة للإعلان يمكن الخروج ببعض الاستنتاجات الآتية:
? لقد قصر الإعلان ضغط الدم على الذكور دون الإناث..
? استبعاد النساء من احتمالية الإصابة بأعراض ضغط الدم.
? اعتبار النساء كعامل مسبب لضغط الدم.
? استبعاد الذكور من كونهم عاملاً مسبباً لضغط الدم.
طبعاً وبحكم عدم الاختصاص كان يمكن أن أمرّ عن تلك الجملة مرور الكرام.. لكن الفضول الصحفي جعلني أقف وقوف اللئام، وتخيّلتُ ذلك الطبيب الذي كتب محتوى الإعلان وكأنه غفل عن عامل رئيسي لضغط الدم، بحيث سقطت من الإعلان جملة ( الاختيار المناسب للحكومة المناسبة).. وزيادة في اللؤم فقد تخيّلتُ أن يُضاف إلى التحذير الموجود على علب السجائر جملة ( الحكومة سبب رئيسي لضغط الدم وأوجاع الرأس والعصبية والأمراض النفسية المزمنة).. أو تحذير آخر مفاده: إياكم والاستماع لتصريحات الناطق الرسمي قبل النوم أو في بداية النهار.. وتحذير يقول: لا تُفسِد صباحك بمشاهدة برنامج على التلفزيون الاردني.. تحذير: لا تمتثل لدعاية غمّض عينيك أو دعاية فتّح عينيك، لكن هنا مطب حول ماذا يفعل الواحد منا بعينيه؟.. يبدو الأفضل لنا أن نفقأهما.. تحذير: ارمِ ساعتك قبل أن يبدأ حلبك بالثانية ومن أول ثانية.. تحذير: إياك من الأورانج والبانانا والآبريكوت..
ماذا عن زيادة جرعات اللؤم بقول: إن تعاطي التعامل مع الحكومة وقراراتها نوع من الإدمان الذي يعاقب عليه القانون..
بالمختصر: إن الحكومة على علاقة مباشرة ومشبوهة بكل الأمراض المستعصية ومنها ضغط الدم الذي تتفنن في رفعه أو هبوطه تبعاً لقراراتها المتذبذبة والتي لا يمكن للدم وضغطه أن يستقر معها على حالٍ واحدة.. هل أذكركم بحكاية رفع أسعار المشتقات النفطية والذي رفع الباروميتر والضغط الشعبي لأقصى درجاته، ثم عندما أعلنت الحكومة تأجيل الرفع، فقد هبط الضغط والباروميتر لأدنى درجاته.. هذا هو حالنا مع الحكومة.. فهي تملك حق رفع أو هبوط ضغطنا.. حق منحنا الشعور بالاكتئاب أو بالهوس.. بالفصام أو الهستيريا.. بالنشاط الزائد أو الخمول والبلادة.. بالفوبيا أو بالبارانويا.. لكل ذلك فالحكومة هي الأقدر على معرفة ما يناسبنا من أعراض وأمراض.. وهي الأقدر على معالجتنا.. وعلى دفننا..
E-mail:majedkhawaga9@yahoo.com