"الفكر العربي" تفتتح مؤتمرها "فكر13" في المغرب
04-12-2014 11:32 AM
عمون - افتتحت مؤسّسة الفكر العربي أعمال مؤتمرها السنوي "فكر"13"، تحت رعاية الملك محمد السادس، تحت عنوان "التكامل العربيّ: حلم الوحدة وواقع التقسيم"، وذلك في القصر الدولي للمؤتمرات محمد السادس- الصخيرات، المملكة المغربية، بحضور الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسّسة الفكر العربيّ، وممثّل ملك المغرب عبد اللطيف المنوني مستشار الملك، والأمين العام المساعد ورئيس مركز جامعة الدول العربية في تونس عبد اللطيف عبيد، وزير الثقافة المغربية محمد الأمين الصبيحي، وزير التعليم العالي لحسن الداودي، الوزيرة المكلّفة بالبحث العلمي لدى وزارة التعليم العالي الدكتورة سميّة بن خلدون، مؤرخ المملكة والناطق الرسمي باسم القصر الملكيّ عبد الحق المريني، وزير الخارجية السابق ورئيس مهرجان أصيلة السيد محمد بن عيسى، وحشد من الشخصيات الرسمية وسفراء الدول وشخصيات ثقافية وفكرية وكبار الإعلاميين.
بدأ المؤتمر بكلمة ألقاها عبد اللطيف المنوني مستشار ملك المغرب،وركّز فيها على أهمية المشروعات التي تقوم بها مؤسّسة الفكر العربي، التي أضحت فضاء رحباً للحوار البنّاء والنقاش وتبادل الآراء، في ما يختصّبأهمّ الإشكاليات والقضايا العربية والعالمية الراهنة. وأكّد على أهمية اختيار موضوع "التكامل العربيّ: حلم الوحدة وواقع التقسيم"، لارتباطه الوثيق بواقع الحال العربي، في ظلّ التنغيّرات المتسارعة، معتبراً أن المؤتمر هو مناسبة لاستحضار المسؤولية الملقاة على عاتق المفكّرين العرب ودورهم في التوعية والتنوير والتحليل الموضوعي، لأوضاع البلدان العربية.
واعتبر المنوني أن ما يجمع الدول العربية أكثر ممّا يفرّقها، مبدياً اسفه لواقع التجزئة والانقسام الذي يطبع العلاقات ما بين الدول العربية، على وقع الخلافات والصراعات الداخلية، وتنامي النعرات الطائفية والتطرّف والإرهاب وهدر طاقات شعوبها.
وفيما استعرض الاتفاقيات التي أرستها بعض الدول العربية سابقاً، كمحطّة أولى على طريق الوحدة، اعتبر أن نتائجها كانت مخيّبة للآمال ودون مستوى التطلّعات. ورأى أن الوحدة العربية ليست حلماً صعب المنال، بل هي مشروع قابل للتحقيق، وضرورة استراتيجية على الجميع تجسيدها.
ونبّه إلى أن التكامل العربي لا يعني الانغلاق والانعزال عن العالم، بل ينبغي أن يشكّل حافزاً لتوطيد العمق الأفريقي والآسيوي للعالم العربي، وتوسيع علاقاته مع مختلف القوى والتكتّلات الجهوية والدولية، ولا يجوز بالتالي أن يبقى تفعيله شعاراً مؤجّلاً.
وأكّد أنه آن الأوان للانكباب على كيفية إعادة اللحمة للوطن العربي، وتوحيد الكلمة، معتبراً أن ذلك لن يتأتّى إلا بإجراء مصالحات عربية بينيّة، وتجاوز أسباب الفرقة وتوحيد المواقف، وتعزيز العمل العربي المشترك، والعمل على إصلاح جامعة الدول العربية وتعزيز صلاحياتها، مشدّداً على أهمية البعد الاقتصادي كركيزة أساسية لتوطيد الوحدة وتحقيق الاندماج التنموي، والذي يقضي بالعمل على استثمار التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، وتحقيق اندماج اقتصادي حقيقي، يقوم على تشجيع الاستثمارات المتبادلة وإحداث سوق عربية مشتركة.
وإذ نوّه بمجلس التعاون الخليجي لسيره بخطى حثيثة نحو تعزيز الوحدة الخليجية، أسف لكون الاتحاد المغاربي يعرف جموداً، بسبب توجّهات لن تخدم أي مصلحة، وتؤدّي إلى تكريس الراهن، بما يبعث الإحباط في نفوس المغاربيين ويفقدهم الثقة بالمستقبل.
ثم ألقى نائب الأمين التنفيذي للإسكوا عبدالله الدردري الرسالة التي وجّهها الأمين العام للأمم المتحدة إلى مؤتمر "فكر13"، وأكّد فيهاأن موضوع "التكامل العربي: حلم الوحدة وواقع التقسيم"، الذي اختارته مؤسّسة الفكر العربي، يواجه صعوبات المنطقة وإمكاناتها؛ حيث نشهد معاناة إنسانية واسعة النطاق في جميع أرجاء العالم العربيّ، وفي بعض البلدان التي ازدهر فيها التنوّع لأجيال متعدّدة، وحلّ العنف العرقي والطائفي محلّ التسامح. وأشار إلى أنه على الرغم من ذلك، فإننا نرى، تطورات مبشّرة، إذ تمكّن شعب تونس من التصويت سلمياً في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية منذ ثورته سنة 2011. كما يُرسي دستور البلد، الذي تجدر الإشادة بطابعه التقدّمي، والذي اعتُمد في يناير، الأساس لديمقراطية متينة.
وشدّد الدردري على ضرورة أن لا يحجب النزاع وعدم الاستقرار التطلّعات الجوهرية لشعوب العالم العربي، وذلك من أجل تحقيق العدالة والكرامة والحرية، وأن يستجيب القادة لشعوبهم، التي لن يُسكت أصواتها أو يطغى عليها المتطرّفون أو المستبدّون أو غيرهم من دعاة التقسيم.
وإذ أكّد أن التغلّب على التقسيم للنهوض بالتكامل العربي ينطوي على إمكانية درّ فوائد داخل المنطقة وخارجها، لافتاً إلى أن تقرير التكامل العربي الذي أصدرته الأمم المتحدة هذه السنة، قدّمت فيه رؤية استراتيجية للحكم الرشيد والتكامل الاقتصادي الأعمق، والإصلاح الثقافي والتعليمي.
وألقى الأمين العام المساعد لرئاسة مركز جامعة الدول العربية في تونس، عبد اللطيف عبيد، كلمة أمين عام جامعة الدول العربية، أكّد فيها أن اهتمام مؤسّسة الفكر العربي بموضوع التكامل العربي، نابع من حرص هذه المؤسّسة على تجاوز الواقع الصعب الذي تعيشه أمّتنا، والذي يتّصف بالفقر والاستباحة الخارجية والتعثّر التنموي، وهو واقع قال عنه تقرير التكامل العربي الصادر عن الإسكوا، أنه وليد عقود من الشرذمة والإخفاق بالتنمية السياسية والاقتصادية.
ورأى أن التكامل العربي هو هدف ووسيلة، لأنه سكن في أمل وحلم وجدان 350 مليون عربيّ، يميّزهم تراث تاريخي وثقافي وروحي مشترك، وتجمعهم اللغة الواحدة، وتقارب بينهم الجغرافيا، بما أنعمت عليهم من تجاور في المكان، وما ابتلتهم به من موقع استراتيجي وثروات أيقظت شهوة الطامعين بهم، ففرضت عليهم تحدّيات فريدة حريّ بها أن توقد في أذهانهم الخوف على المصير.
واعتبر أن التكامل هو الوسيلة الأهمّ لتحقيق نهضة إنسانية تعمّ العالم العربي، يشارك في صنعها جميع أبنائه، أياً يكن عرقهم ودينهم أو جنسهم، مواطنين أحرارا، متساوين في القيمة الإنسانية، يملكون وسائل الابداع والعمل الخلاّق، ويقتحمون بها تُخوم المعرفة، ويبنون مجتمعات تنعم بالرفاه الانساني، بأبعاده المادية والمعنوية. وأكّد أن الجامعة العربية التي تحتفل العام القادم بالذكرى السبعين لتأسيسها بذلت جهوداً كبيرة، لكنها تبقى غير كافية، وتحتاج بالتالي إلى تطوير، وما مؤتمركم هذا "فكر 13" الذي يبحث في حلم الوحدة وواقع التقسيم، إلّا خطوة رائدة تصبّ في نفس الاتجاه.
وختم الأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسّسة الفكر العربيّ بكلمة جاء فيها:
إلى ملك المغرب العظيم احتراماً
وإلى حكومته وشعبه الكريم تحايا
وإلى الحضور المميّز ألف شكر
في صباحٍ عربيٍّ بالفكر يُثرى
وبعد:
في كل زمن يقال:
لم يمر على الأمة العربية
أسوأ من هذه حال.
وتتهم المؤامرة .. وتلعن الأسباب
وتستصرخ الصحراء .. ويتعالى النداء!!
فتردّد صداها الجبال .. وتعلو صيحة الأجيال..
وعوضاً عن البناء والنماء ..
بنهج الحكمة والحكماء،
ينشب الاقتتال بين الأخ وأخيه،
ويتحسّر الأب على مصير بنيه!!
وفي ظل التناحر المهين.
بين الطوائف والقبائل والأجناس،
في الوطن الحزين..
تُنسى فلسطين.
وباسم الجهاد .. يقتل المسلم أخاه المسلم.
وباسم الوطن .. يتشرّد المواطن.
وباسم الحرية .. تنتشر المهاجر .. وتتكدّس السجون.
ويزهو اليعربي المغوار ببندقية،
على جثة طفل عربي ضحية..
وتحار الأفهام .. وتختلف الأقلام
فهل عادت الجاهلية؟
أم أنهم الخوارج؟
أم هي المؤامرة التي يدعون؟
وكيف تكون
وهي مخرجات بحوث ودراسات
تناقش في منتديات ومؤتمرات،
وسياسات معلنة في الصحف والفضائيات؟
أم إنها الاستكانة ... على المكانة..
والاكتفاء بالاستعانة؟!
ألم يئن للعرب أن يحكموا العقل ..
ويفيقوا من غفوة الجهل ..
ويعتمدوا بعد الله ... على أنفسهم؟!
أما آن للحكماء، والعلماء
أن يقولوا كلمتهم ..
حتى نكون مشاركين ... لا تابعين ..
منتجين ... لا مستهلكين ..
مبادرين مبدعين ... لا ناقلين مقلّدين
لا تهينوا رمز العقال... بجهل القتال..
فجّروا الطاقات والقدرات... لا الأجساد..
نافسوا العالم ... بالإبداع والابتكار
وحوّلوا ظلمة جهل الليل
إلى نور علم النهار
وها هي مؤسّستكم ...
مؤسّسة الفكر العربي تبادر
وتقدّم التكامل العربي
موضوعاً لمؤتمركم هذا ..
وتخصّص كامل العام القادم
لبحثه مع المؤسّسات العربية المعنية
وفي مقدّمتها الجامعة العربية
وتعرض النتائج على مؤتمركم القابل _إن شاء الله.
بعدها افتتح أعمال المؤتمر المدير العام لمؤسّسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط،بكلمة أوضح فيها أن المؤتمر سيُعنى بمعالجة هذه المواضيع بموضوعيّة ورصانة، مُعتمداً النهجَ العلميّ الذي التزمته المؤسّسة، فينطلق من الوضع الراهن، مُستعرضاً أحداثَه ومعطياتِه، ومُحلِّلاً أسبابَها ودوافعَها، ومُستشرفاً تداعياتها ومآلاتها، ليخلُص بعد ذلك إلى صوغ الرؤى ورسم الخيارات واقتراح الحلول الهادفة إلى تحقيقِ مصلحةِ أوطاننا وخيرِ شعوبها. وأكّد أن المؤسّسةَ لا تعرضُ في مؤتمرها هذا فكرها الخاصّ أو مواقفها، بل تسعى إلى توفير مناخٍ ملائمٍ للحوار والمناقشات، بين جميع الأطراف المشاركة، وتطمح إلى أن تكون منتدىً للفكر ومنبراً للآراء.
وألقى نائبُ رئيس التخطيط العام في شركة أرامكو السعودية الدكتور محمد بن يحي القحطاني، كلمة دور الشركات الوطنية الكبرى في تحفيز التكامل العربي"، استعرض خلالها تجربةَ أرامكو السعودية في تطويرِ الثروةِ الطبيعيةِ والبشريةِ لتحقيقِ التكاملِ وتحفيزِ التنميةِ والتنافسيةِ على الصعيدِ الوطني.
وتعتبر مؤسّسة الفكر العربي مؤسّسة دولية مستقلّة غير ربحيّة، ليس لها ارتباط بالأنظمة أو التوجّهات الحزبية أو بالطائفية، وهي مبادرة تضامنية بين الفكر والمال لتنمية الاعتزاز بثوابت الأمّة ومبادئها وقيمها وأخلاقها بنهج الحرية المسؤولة، وهيتُعنى بمختلف مجالات المعرفة وتسعى لتوحيد الجهود الفكرية والثقافية وتضامن الأمّة والنهوض بها والحفاظ على هويّتها.