لكل شعب خصوصيته ، وتشمل هذه الخصوصية السلوك وأسلوب التعامل والطباع والمزاج ، وفي الوقت ذاته تتشابه شعوب في خصوصيتها نتيجة تشابه العرق والجذور والدين والتاريخ وغير ذلك . ويقف المواطن الأردني حائرا تارة ، ومندهشا تارة أخرى ، وسط عالم سريع التغيّر سياسيا واقتصاديا ، مما يخلف آثارا سلبية وإيجابية على مختلف جوانب حياته ، وكان عليه أن يواجه الحياة بما فيها حتى يتمكن من العيش وفق معاييره وقدراته الشخصية ، ووفق متطلبات وظروف العصر .
يتحصن الأردني بعشيرته ، ومما يدلل على هذا التحصن السيل الجارف من التهاني والتبريكات لكل من ينتمي لعشيرته عندما يتولى منصبا رفيعا ، بغض النظر عن مدى أهليته لهذا المنصب ، حتى بوجود من هو أكثر أهلية له من عشائر أخرى . كما لا يفوت الأردني التباهي بتعداد عشيرته ، ويشيع نفر من الأردنيين أن نصيب الفرد من عشيرته في سداد ديّة شخص ما لن تزيد على بضع فلوس أو قروش ، ولو صحت مزاعم كل عشيرة عن تعدادها لزاد عدد سكان الأردن على 15 مليون مواطن على الأقل .
إن تعذر على الأردني العثور على قريب يحتمي به ، يبحث عادة عن نسيب ما ، أو عن أحد سكان المنطقة أو الجهة التي ينتمي إليها ، ومن هنا تجد المُراجع للمؤسسات العامة يحاول التعرف على الموظفين فقد يجد صلة ما معهم يستظل بها ، ويحاول أن يسرد أسماء من يعرف أو من لا يعرف من عشيرة الموظف الذي يتعامل معه ومن هنا جاء لفظ الخطاب : " يا قرابة " و " عمي " أو " عمو " و" خالي " أو " خالو " .
ويتطلب العمل بمهن معينة ارتداء الزي الخاص بالمهنة ، وأعتقد أن الأردني يعشق زيّ المهنة ، ويشير ارتداء منتسبو المهن ذات الزي الخاص بشكل دائم أو شبه دائم بغض النظر عن قيامه بمهام مهنته أم لا ، يشير إلى عشق الأردني للعمل المؤسسي بشكل عام والحكومي بشكل خاص ، ويعتقد الأردني بذلك أن هذا الزي يوفر له الحصانة والمهابة مع الآخرين وبينهم .
ولا بد من القول أن الأردني كغيره من مواطني الدول الشقيقة يحتمي بشهادته العلمية ، ومؤهلاته وخبراته ، ويلاحظ للأسف أن البعض يستهين بقدرات ومؤهلات غيره . كما يحتمي الأردني بمتلكاته ، و بانتسابه للسلك الحكومي فهو " إبن الدولة " وينسى البعض أن الجميع هو ابن الوطن بصورة أو بأخرى .
جلالة الملك هو الملاذ الأخير الذي يحتمي به الأردني ، ويلاحظ أن كثيرا من الأمور لا تجد طريقها إلى الحل إلا بعد وصولها إلى المقام السامي . وهنا يطرح السؤال التالي : ماذا تفعل فيالق الوزراء والأمناء والمدراء والرؤساء ؟ ولماذا لا يقوم الجميع بدوره دون حاجة للشكوى ؟ ألا يكفي أن أكون مواطنا لأكون محميا ومرعيا دون الحاجة للحماية من أحد سوى الحق والعدل والقانون ؟ .
haniazizi@yahoo.com