بعد خمس سنوات بالتمام والكمال على الإعلان عن إقامة منطقة تنموية خاصة في محافظة عجلون، ماتزال الجهات الحكومية تبحث عن قطعة الأرض المناسبة للمشروع، ولم توفق حتى يومنا هذا!
خمس سنوات تعني 1825 يوما من البحث عن قطعة أرض في محافظة تعد ثاني أصغر محافظة في الأردن بعد جرش، ولا تزيد مساحتها عن 420 كم مربع، ومع ذلك يعجز عباقرة المناطق التنموية الخاصة عن اختيار قطعة الأرض المناسبة.
عجلون، أجمل المحافظات الأردنية، وبحكم طبيعتها السياحية، فإن أغلبية المواطنين يعرفونها عن ظهر قلب. ويستطيع أي مواطن أن يزور مختلف مناطقها في أقل من يوم واحد، ويعود إلى بيته قبل مغيب الشمس.
في البداية عهد أمر إقامة المنطقة التنموية لشركة تطوير عجلون، ثم تقرر لاحقا دمجها مع شركة تطوير البحر الميت تحت اسم الشركة الأردنية لتطوير المناطق التنموية.
بعد رحلة الفك والتركيب هذه شكلت الحكومة لجنة من "عتاولة" المسؤولين في كبريات المؤسسات والهيئات الحكومية للبحث عن قطعة الأرض المناسبة لإقامة المنطقة التنموية، وتم بالفعل تحديد 7 قطع مقترحة.
استغرق مثل هذا العمل الشاق أياما ولياليَ طويلة؛ فعجلون التي نعرفها غير تلك التي تبحث فيها اللجنة العتيدة.
يوم أمس زف لنا الزميل طارق الدعجة خبرا سارا في"الغد"؛ فاللجنة الحكومية بلغت مرحلة متقدمة في عملها، فقد شرعت في"دراسة" اختيار قطعتين من القطع السبع المقترحة، تمهيدا لاختيار واحدة للمشروع. كم ستحتاج من الوقت في هذه الدراسة؟ الله أعلم، ربما خمس سنوات أيضا. فالشركة حسب تقرير الزميل الدعجة سترفع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة تقريرها إلى مجلس الوزراء حول قطعة الأرض المناسبة للمشروع. لجان مجلس الوزراء بدورها ستدرس تقرير اللجنة، وقبل ذلك الوزير المختص، وكبار مساعديه.
وخلال هذه الرحلة الطويلة للتقرير بين مكاتب المسؤولين، قد يحصل تعديل وزاري مثلا "يطير" فيه الوزير المختص، ويأتي وزير جديد لا تعجبه الدراسة الموجودة، فيطلب إعادتها من جديد.
المهم في الموضوع أننا وبعد خمس سنوات على إطلاق المشروع مانزال في مرحلة الدراسة؛ دراسة اختيار قطعة الأرض المناسبة. فكم من الوقت نحتاج إذا لتنفيذ البنى التحتية، وجذب الاستثمارات، إن كان هناك أصلا استثمارات يمكن جذبها بعد كل هذا الانتظار.
على كل حال ليس هناك من مبرر لغضب وعتب أهالي عجلون من هذا التأخير في إنجاز المشروع. فالمناطق التنموية لم تعد فكرة جذابة كما كان حالها في البداية. والتجارب الحية في معان وأربد والمفرق خفضت من سقف التوقعات حيال نجاعة هذا النهج في تحقيق التنمية، وخلق فرص العمل والتخفيف من مشكلتي الفقر والبطالة في تلك المحافظات.
لكن كان يمكن لتجربة جديدة في محافظة واعدة مثل عجلون أن تقدم مثالا مختلفا يغير الانطباع السلبي عن تجربة المناطق التنموية. فما يتوفر لعجلون من ميزات سياحية وزراعية، كفيل بأن يجعل حياة سكانها أفضل مما هي عليه حاليا، حتى بدون منطقة تنموية على قطعة أرض صغيرة؛ فالمحافظة برمتها مخزن للتنمية.
"الغد"