الذكرى الأولى لرحيل المهندس عدنان قصادد.محمد المفتي
30-11-2014 10:02 AM
مرّ عام كامل على رحيلك ، عام مضى وذكراك على ألسنة من احبوك.. عام مضى على صقرنا المغوار حين هوى..عام مضى على جسدك الطاهر تحت الثرى..عام مضى والقلب صابر على ما ابتلى..فقدناك والقلب يقطر دما، كان فقدك ألما على النفس وكمدا في الفؤاد ، فالفاجعة أبكتنا والألم أسرنا وسكن قلوبنا وأفقدنا طعم كل جميل، ومع إيماننا وتسليمنا بقضاء الله وقدره ، إلا أن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا عم أبا أحمد لمحزونون .نؤمن أن الموت حق، ونوقن أنه لا رادّ لحكم الله رب العالمين، ولكنّ الفراق صعب، فارقتنا من هذه الدنيا الزائلة إلى الآخرة الدائمة، تركتنا ونحن أحوج ما نكون إليك. ولان العمر لا يعد بالسنين ولكن بالعواطف والمواقف، لذا فإني اكتب هذه الكلمات المرتعشة و ابسط فيها رعدة قلبي في كل جوانبها والفاظها و معانيها. الوفاء لذكراك يعمر قلبي ويحرك مشاعري .. كان يوم السبت الثلاثين من تشرين الثاني 2013 م، يوما حزينا عليّ وعلى أهل بيتك ومحبيك، شعوراً إنسانياً ومعنوياً عميقاً بالفاجعة، إذ نزلت بكياني من جديد كل مشاعر التأثر التي انتابتني بفراق الأعزاء من أهلي، وألقت عليَ بظلال عظيمة من الهمّ والحزن، وتكاثفت عتمة فقدانهم بخسارة كبيرة ضاعفت من الأسى في قلبي بغيابك عنا أيها العم الطيب أبا أحمد، في هذا اليوم أرى من واجبي الوفاء لك يافقيدنا الغالي بأن نعطيك بعض حقك، تكريما لعطائك خلال مسيرتك التي قضيتها في هذه الحياة مجاهدا مخلصا مؤمنا مكافحا.. فقد كنتَ حقاً والداً وأخاً كبيرا ً ومربيا ً وإنساناً بهدوئك وأخلاقك وتربيتك التي قبسنا منها وانطبعنا بفضائلها، وإنا لا نقول إلا أحب القول وأطهره مما قاله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: وإنا على فراقك لمحزونون، وأكبرالمصائب تأثيراً في النفس بفراق المربين أمثالك، فقد تربينا في مدرسة الأبوة والإيثار ونكران الذات وأنت تفني عقود عمرك في حب الوطن والعمل لرفعته، وفي تربية أجيال من المخلصين والبناة العاملين في القوات المسلحة، وعايشنا فيك القدوة الطيبة في التربية القائمة على السكينة والمودة والإيثار، وكيف تغيب عنّا معاني الرجولة والهامة المرفوعة ؟!! وما عرفت في عزيمتك إلا الكبرياء والاعتزاز بالله والتسليم له والعمل بصمت لمرضاته.فارقتنا تاركا فراغا لا يملؤه أحد ، وحزنا في القلوب لا تمحوه الأيام. رحلت عنّا ونحن في أمسّ الحاجة إليك.. إلى كلماتك إلى نصائحك إلى معانيك إلى عبرتك.. رحلت تاركا قلوبا دامية وعيونا دامعة. ما أثقل وأمرّ المناسبات والأعياد بدونك ، وما أمرّ اليتم بعدك.. خاصة وأنك لم تكن أبا كالآباء، كنت الأب الحنون الصديق الرفيق الحبيب. لقد كنت أيها الحبيب وراءنا كالسدّ المنيع ، ولكنّ القدر شاء دون أن نعطيك ولو القليل ممّا أعطيتنا ، فيما بقيت روحك معنا . لقد كنت إنسانا بكل ما تعنيه الإنسانية من معاني، علمتنا كيف نحب الآخرين وكيف نختلف ونحترم اراء بعضنا البعض.. علمتنا كيف نعطي دون مقابل كيف نحب بإخلاص.. وأشهد أنك كنت بارّا بوالديك ، واصلا للرحم، دؤوبا على الصلاة في المسجد، محبا لزملائك وجيرانك، عطوفا على أهلك وإخوانك وأقربائك.كما أسهمت إلى جانب الشرفاء من أبناء الوطن في بناء المؤسسة العسكرية.. هذا النموذج الأردني الفذّ فقيد الوطن يشار له بالبنان في كلّ مراكزه التي تبوّأها، كان رحمه الله يمثل مدرسة بحد ذاتها ، وأحد الكوادر العسكرية الهامة التي أسهمت بالارتقاء في سلاح الصيانة الملكي.هذا الفارس وابن الوطن الذي ترجّل منذ عام، كان يعدّ نموذجاً يحتذى لدى أبناء الوطن المخلصين. وقد ولد الفقيد عام 1935م بمدينة طبريا في فلسطين ودرس في الأردن، وتخرج من مدرسة كلية الحسين بعمان، ثم ابتعثته القوات المسلحة الأردنية إلى بريطانيا ليكمل دراسته الجامعية في الهندسة الميكانيكية. وكان من أوائل من أرسلهم الجيش بعثة إلى لندن، وتخرج من جامعة لوفبرا في بريطانيا عام 1959م ، حاصلا على مرتبة الشرف في الهندسة، ومن ثم حصل على دبلوم عالي في هندسة الإنتاج من جامعة نيو كاسل سنة 1961م، ودرجة الزمالة من جمعية مهندسي الإنتاج البريطانية ، كما يعد الفقيد من أقدم المهندسين في الأردن ، حيث عمل رحمه الله في القوات المسلحة الأردنية ضابط ركن في مديرية التخطيط والتنظيم منذ بداية تشكيلها عام 1963م ، ورئيسا لشعبة البحث والتطوير في سلاح الصيانة الملكي، وقائدا لمشاغل الأمير فيصل ، ليصبح بعدها مديرا لسلاح الصيانة الملكي عام 1980م لست سنوات متواصلة ، ثم مديرا للدراسات والتطوير في القيادة العامة ، حتى إحالته إلى التقاعد عام 1988 برتبة عميد. وكان رحمه الله يحمل العديد من الأوسمة، وكان مخلصا وفيا متفانيا في عمله ، وكان مستشارا فنّيا للقيادة العامة. واعتنى الفقيد بالمهندسين الذين خدموا في الجيش، وافتتح إبان إدارته لسلاح الصيانة الملكي مشاغل الحسين الرئيسة التي تضم أكبر الدبابات والآليات. رحم الله فقيد الوطن العميد المهندس عدنان قصاد أحد رجالات الأردن البارزين ، الذين تبؤوا مسؤوليات كبيرة في القوات المسلحة الأردنية ، ومن الرعيل الأول المخلصين للوطن في بناء مسيرته ونهضته وتقدمهإ ، حيث قدّم الكثير لمجتمعه وأمته ، وكرّس حياته جندياً مخلصاً شجاعاً مدافعاً عن ثرى الأردن، وكان من المبدعين الذين ساهموا في بناء وإعلاء شأن الأمة بمواقفهم وأخلاقهم وإنجازاتهم. وكان ممن لهم دور كبير في تأسيس الجيش العربي الأردني . وكان رحمه الله مثالا للشجاعة والإخلاص والتفاني في أداء الواجب. واذ يغيب عنّا المرحوم المهندس أبو أحمد بجسده فلن يغيب عن الأردنيين سيرته العطرة التي حفلت بالأخلاق والرجولة والإيثار والتضحية وحبه لأبناء بلده صغيرهم وكبيرهم. وستبقى مناقبه وسيرته حافلة بالبذل والعطاء وعلامة بارزة في تاريخ الأردن والأمّة.
|
رحمه الله ...آنسه الله...عوضه الله الجنة
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة