نقيصة الإنقلاب .. فضيحة القرن
اسعد العزوني
30-11-2014 01:51 AM
نقيصة أخرى من نقائص الإنقلاب في مصر ، أتحفتنا بها محكمة جنايات القاهرة ، التي يفترض بها أن تكون نبراسا للعدالة في المحروسة مصر ، جاءت بعد أربع سنوات من التمثيل السخيف في ردهات القضاء ، علما أن الحكم الأول الذي ناله الرئيس المخلوع مبارك كان مؤبدا ، لكن القاضي حكم صباح اليوم السبت ببراءة أركان النظام المصري الذي قاده مبارك لمدة ثلاثين عاما ، قضى خلالها على جموحالت الشعب المصري الذي يستحق ما هو افضل من ذلك.
قبل الغوص في التفاصيل ، فإن هذا الحكم المدنس بكل أصول الفساد ، إنما جاء تبرئة للنظام الفاسد ، وإتهاما صريحا للشعب المصري الذي ثار عليه يوم 25 يناير ، وباالتالي يتوجب محاكمة كل إناء الشعب المصري والحكم عليهم بالإنقراض ، لأن نواميس الطبيعة ترفض تعايش أركان نظام مبارك الفاسد المفسد ، مع أبناء الشعب المصري الغلبان الذي بدلا من أن يحيا حياة مساوية لحياة الكوريين الجنوبيين واليابانيين على الأقل ، نجده في غالبيته يعيش في المقابر وتحت الكفاف وشبابه متناثر هنا وهناك يقوم بأعمال لا تليق به ولكنه الظلم والفساد ..قاتلهما الله.
عمل مبارك ونظامه الفاسد المفسد طيلة 30 عاما على حرف مصر عن دورها القومي ، وبدد ثروة مصر وسربها لإسرائيل ، ومن ضمن ما أتحدث عنه هو الغاز الذي بيع لإسرائيل بسعر بخس يقل عن سعر التكلفة بعشرات المرات.
جاء هذا الحكم بمثابة دعوة لإشعال النار في المحروسة مصر وإحراقها ، إلا إذا كان ذلك بالإتفاق مع الطرف الآخر ضمن صفقة ما ، وهو تعميق للفساد وتشجيع للفاسدين والمتعاملين مع إسرائيل .
إستنادا إلى ما يعمله العقل النقدي والقياس الدقيق ، يثبت أن السلفيين تآمروا مع الإنقلاب ، بتهويل فعاليات وأحداث يوم الجمعة 28 تشرين ثاني ، من أجل فسح المجال للإنقبلاب بحشد قواه العسكرية في القاهرة وكافة أنحاء المحروسة مصر ، بهدف التحسب لتداعيات قرار محكمة الجنايات البعيد حتى عن روح العدالة .
ذات حقبة سادها العدل وحكم فيها العادلون ، فنصرهم الله ومكنهم ، قال الخليفة العادل الفاروق عمر بن الخطاب "والله لو أن بغلة في العراق تدعثرت لسأل الله عنها عمر "، وكان الفاروق يعيش في الجاز ، والمسافة بينه وبين العراق بعيدة ، كما أن هناك وال للعراق وهو المسؤول عن أحوال العراق وأهله ، لكن ولحساسية الفاروق ، وخوفه من الله جل في علاه ، تحدث في موضوع البغلة .
الحكم ببراءة مبارك وأركان فساده ، سياسي فاسد مفسد بإمتياز ، علما أن الحكم الأول على مبارك بوجه خاص هو الحكم المؤبد ، ذلك أن مبارك وزبانيته أيقونة للفساد بكل اوجهه ، وقد جاء الحكم إنتكاسة للثورة المصرية.
منظومة العدالة في مصر فاشلة وعاجزة ومشبوهة بالمطلق ، لأنها برأت مبارك وأركان فساده وزعيمهم وزير القمع حبيب العادلي الذي قتل الآلاف من سجناء الرأي في السجون والمعتقلات المصرية ، لكن هذه المنظومة وطيلة أربع سنوات من البحث والتمحيص وسماع الشهود والتمثيل المكشوف ،لم تتوصل إلى كيفية ومن قتل شهداء الثورة في مصر وعددهم نحو 1600 شهيدا ، ولا نتحدث عن الجرحى والمصابين والأيتام والأرامل ,ومن صدمتهم نتائج الثورة التي خطفت في ليل لفه الظلام الدامس.
الخطأ أو الخطيئة الكبرى التي نمتوتنامت مع المحاكمة هي تطويل القضية وعدم البت فيها ، وكان ذلك رسالة للرأي العام أن مبارك وأركان فساده سينتهي بهم المطاف إلى البراءة ، لكن هذه البراءة ستكون أمام الناس فقط ، لكن الله سبحانه وتعالى لا تغفل عينه عن جميع مخلوقاته.
إن الحكم الذي نطق به قاضي محمكة الجنايات في القاهرة ، رسالة نافرة الحروف إلى جميع المصريين ، بأن الفساد في مصر لا يمكن مقاومته مادام هناك قضاء بهذه الشاكلة في مصر .