الدعاية التجارية بين الاخلاق والقانون!
د.عبدالله القضاة
29-11-2014 02:23 AM
تستهويك دعاية جميلة تستمع اليها عبر المذياع ؛ فتهرول للإستفادة من ميزة معينة ؛ قد تذهب لتسجيل ابنك في المدرسة الأولى على مستوى المملكة في تقنيات وتكنولوجيا التعليم ؛ والأكثرجودة على مستوى العالم في مهارات التعامل مع التلاميذ ؛ تسأل الرسميين فيعلموك : هذه دعاية مدفوعة الأجر لمدرسة تجارية ولايوجد معيار يقيس درجة تميزها!!!.
يوصيك الطبيب باستعمال المياه الصحية عالية الجودة للشرب لأطفالك ، فتحتار عندما تسمع وتقرأ الدعايات المغرية بين الأنقى والأجود والأفضل ، وتتفاجأ عندما تسمع خبر رسوب هذه الأنواع من "المياه المعبأة" في الفحوصات المخبرية وفي اختبار جودتها ؛ فتتساءل بأي حق يسمح لهذه الشركات ان تدعي أن منتجها الأجود أو الأنقى ؛ وبالتالي التغرير بالمواطن؟!.
في مجال الغذاء ؛ حدِّث ولاحرج ؛ "أفضل أنواع اللحوم "و " أشهى الوجبات والمقبلات في مطاعمنا" و "نحن الأوائل في ...." وهكذا ، ونتفاجىء عند سماعنا بإغلاق بعض هذه المطاعم والملاحم عن طريق مؤسسة الغذاء والدواء ، وذلك لعدم مطابقة منتجاتها للمواصفات المعتمدة!
وهنا نتساءل : من يحمي المواطن الأردني من الدعاية التجارية المضللة ؟!، وخاصة ماتعلق منها بالسلع والخدمات التي تتطلبها احتياجاته الأساسية (المأكل ، والمشرب والتعليم) ؟!، وهل الأجهزة الرقابية للمؤسسات الحكومية قادرة او كافية لتحقيق هذه الحماية ؟.
وكإجراء وقائي؛ فإن المؤسسات الحكومية المعنية بممارسة الرقابة على الجهات المقدمة للخدمات والسلع المختلفة للمواطنين ينبغي لها تطوير معايير قياسية لكل قطاع وإعتماد معايير جودة وطنية تلتزم بها هذه الجهات في حملاتها الاعلانية ، وذلك كي تشكل أساسا مرجعيا لمساءلتها وكذلك لتقييم مخرجات أعمالها.
وعلينا أن نتذكر اننا نعيش في كنف دولة إسلامية يدعو دينها لتطبيق منظومة اخلاقية أثناء التعامل مع المقيمين على أرضها المباركة ؛ فيحرم الغش والتدليس والتضليل ؛ يقول تعالى: "يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ...""النساء، 29" ، والرسول العظيم – عليه أفضل الصلاة والسلام يقول : "... من غشنا فليس منا" وفي رواية " ...من غش فليس منا " ، فهذا مايجب أن نُعَلِّمُه بمدارسنا وجامعاتنا وما يجب أن تُعززة وسائل إعلامنا الوطنية .
وأما الإجراء العلاجي ؛ فبإعتقادي أنه لابد من تشريعات تتضمن قواعد قانونية تُعنى بحماية المواطن من التضليل والخداع والتدليس ، وإيجاد تكييف قانوني يجرم الدعاية المضللة ؛ فالإعلان الكاذب وما يتضمنه من بيانات ومعلومات غير صحيحة تؤدي إالى خداع المواطن ، تشكل بمجملها أركانا لجريمة متكاملة ؛ وهذا بطبيعة الحال ، يستدعي تطبيقا قانونيا صارما لحماية مواطننا الذي هو رأسمالنا الحقيقي.