إن التحدي الأمريكي الصهيوني الذي تقوده الولايات المتحدة وتقوم إسرائيل بنصيبها المرسوم فيه، في بلادنا العربية والإسلامية بذريعة محاربة الإرهاب كان من الممكن أن يستفزّ العقول والعزائم ويستنفر القوى الفاعلة والطاقات الكامنة االتي تزخر بها بلاد العرب أوطاني على اتساع رقعتها وامتدادها في خريطة العالم .. ولكن مما نأسف له حقا أن رد الفعل الطبيعي هذا لم تظهر بوادره بعدُ ... وبدلا من ذلك رأينا استسلاما وخنوعا مذهلا .. ولا نريد الدخول في تاريخ طويل من التبعية السياسية والاقتصادية التي تُكبّل الأنظمة والشعوب، أكثره معروف لنا بوضوح .. وقليل منه خافِ علينا ...
***
لا يستطيع منصف للحقيقة أن يتجاهل صمود الشعب الفلسطيني واستمراره في المقاومة رُغم بشاعة العدوان وتصاعد التضحيات .. ولا أن يغمض عينه عن نجاح المقاومة الإسلامية.. وأخيرا لا يستطيع منصف أن ينكر أثر المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي فى إنهاء الحلم الماسوني وشلّ القوة الأمريكية التي كانت تظن أن سقوط العراق تحت أقدامها هو بداية التوسع والتمكين لسيطرتها على العالم .. لقد أخفقت أمريكا في إحكام سيطرتها على أفغانستان والعراق، نعم لا أحد يُنكر أن أمريكا قد نجحت في تدمير أفغانستان وتدمير العراق حيث وضعت العراق بالذات خمسين عاما إلى الوراء .. واستلّت منه القدرة على مجابهة إسرائيل أو أن يشكّل خطرا عليها فى المستقبل المنظور .. وربما أهم من كل هذا أنها وضعت يدها على البترول العربي كله .. ولكنها خسرت أشياء ثمينة جدّا لا يمكن لأي إمبراطورية في هذا العصر أن تستمر بدونها ...
***
لقد تمادت أمريكا في الغطرسة وإذلال كثير من الشعوب حتى كرهتها الشعوب .. وتمادت في الكذب وتلفيق الوقائع والإنكار .. وتمادت في التفرّد باتخاذ القرارات المصيرية التي تمس سيادة دول أخرى ضاربة بالقوانين الدولية والمؤسسات الدولية عرض الحائط .. حتى فقد العالم احترامه لها وثقته في حكمتها وقيادتها .. وأهم من ذلك أنها فقدت احترم حلفائها وثقتهم بها .. وقد بدأت هيمنتها وسيطرتها على العالم تتقلص بمعدّلات سرعة أكبر من كل التوقعات التي تنبّأ بها المراقبون والمحللون .. خصوصا بعد الأزمة المالية الخطيرة التي تسببت فيها بغبائها وسوء إدارتها لاقتصادها واقتصاد العالم ...
أعلم أن جبروت الإمبريالية الأمريكية تسانده آلة إعلامية طاغية عدوانية، فقد دمغ الإعلام الأمريكي حركات المقاومة الوطنية بالإرهاب، مستدعيا في ذلك صورًا موحيةً وقوالبِ من الاتهامات مصنوعة بمهارة ، مستندًا إلى أحداث من صنع بعض الأغبياء الجهال .
***
يوجعنا أوضاع العرب والمسلمين وخزي حكوماتهم أمام الهجمة الإمبريالية الصهيونية الراهنة حالة مأساوية ليس في أفقها بصيص من أمل ولا تبشّر بانفراج قريب ..
متى نصحو ؟..متى نُغيّر ما في أنفسنا ؟ حتى يغير الله حالنا ونضع حدّا للتلاعب الإسرائيلي بنا.
أفيقوا بني قومي فعارٌ علينا ألف عار أن نُساهم في تكتيف الفلسطينيين لكي نسهّل على إسرائيل ذبحهم والإجهاز عليهم ...!!
عار على عباس ومن يسانده من الأنظمة العربية والإسرائيلية .. ألف عار أن يراهنوا على هدنة في غزة لن تدوم طويلا ..
ستحيا غزة وتقهر من كان مختبئا خلف شاشات التلفاز وسيخسرون الرهان كما خسروه من قبل في مراهنتهم مع أمريكا وإسرائيل في حرب الجنوب اللبناني .