مطلوب تشريع لمواجهة«التكفير » .. !
حسين الرواشدة
28-11-2014 02:15 AM
اخطر كلمة يمكن للمسلم ان يسمعها هي ان يقال له: انت كافر ، ومن اسف ان هذه الكلمة - ان شئت الفتوى - اصبحت سهلة على الألسنة ، ولا يتورع البعض من اطلاقها بمناسبة او في غير مناسبة.
لظاهرة التكفير - بالطبع - سياقها التاريخي الذي انطلقت منه ، ولها - ايضا - اسبابها ودوافعها ، فهي التصقت بالخوارج الذين كان لهم موقفهم بعد مقتل الخليفة عثمان رضي اللّه عنه ، وتجددت في أكثر من عصر من عصورنا الاسلامية ، تبعا للاصابات التي طرأت على العقل المسلم وأفقدته عافيته ، لكنها - اليوم - تبدو اخطر بكثير مما كانت عليه ، فهي البوابة الاوسع لسفك الدماء واثارة الفتن وزلزلة المجتمعات وتقويض امنها..
اما اسبابها فكثيرة: منها قلة بضاعة هؤلاء الشباب الذين تحمسوا للدفاع عن الدين ، فبعضهم مخلص لا شك ولكنه جاهل في مقاصد الاسلام وفقه الشريعة ، وبعضهم ضحايا للقمع الداخلي والخارجي ، وبعضهم مرضى تحولوا - احيانا - الى مجرمين. ومن الاسباب شيوع الفاحشة في المجتمعات الاسلامية ، وتساهل بعض العلماء في بعض الاحكام واختلافهم حولها او انسحابهم من الساحة وتركها لانصاف المفتين والمتعالمين ، ومنها الخلط بين الكفر الأكبر والاصغر ، واعتماد القرآن - دون فهم - كمصدر للاحكام دون معرفة علمية كافية بأصول الفقه.. ومنها اسباب خارجية تتعلق بالهجمة التي يتعرض لها الاسلام ، والكيد الذي يحاك ضده.
لكن هذه كلها مجرد اسباب لا تصلح ان تكون مبررا لاصحاب هذه الدعوة وخاصة اذا عرفنا ما يترتب على التكفير من احكام : فالمحكوم عليه بالكفر - والعياذ باللّه - لا يحل له البقاء مع زوجته ويفقد الولاية عن ابنائه ويفقد حقه في الولاية والنصرة على المجتمع الاسلامي ويحاكم امام القضاء ولا تجرى عليه احكام المسلمين اذا مات ويستوجب لعنة اللّه وعقابه واذا ما عرفنا ان المسلم يدخل للاسلام بالشهادتين ، وان من مات على التوحيد استوجب الجنة ، وان كبائر المعاصي تنقص الايمان ولا تهدمه ، وان مراتب الطاعة تتفاوت بنص القرآن الكريم ، وان ثمة اولية شرعية ثابتة تحرم اخراج المسلم من الملّة وتضيق هذا الباب في حدوده الدنيا ، وان الضوابط والاصول للتكفير التي اتفق عليها العلماء من جمهور المسلمين تعلق امر اصدار هذا الحكم بالعلماء الحقيقيين والقضاة النزيهين ، ادركنا عندها ان المسألة ليست سهلة كما يفعل البعض ، وان قرار اصدار فتوى التكفير لمسلم اشهر الشهادتين ولم يرتد عنها ، حتى وان ارتكب المعاصي ، قرار خطير ومحسوب ولا يخضع للاجتهاد او الهوى ، وصدق رسول اللّه حين قال: اذا كفر الرجل اخاه - لاحظ اخاه- فقد باء بهما احدهما “.
في قانون الافتاء، وفي نظامه الذي صدر مؤخرا نصوص تحاسب الذين يتجرأون على الفتوى من غير اهلها ، وخاصة فيما يتعلق بالتكفير ،لكن اعتقد اننا بحاجة الى تشريعات حازمة تعاقب كل من يكفر الاخر، تماما كما نعاقب الذين يسيؤون للاخرين او يشتمونهم ، اوليس اطلاق كلمة كافر على اي شخص اخطر من شتيمة او حتى محاولة قتل واغتيال ؟
(الدستور)