انخفضت أسعار البترول الخام في السوق العالمية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة بما يقارب 25%، مما جعل البعض يطالب الحكومة بأن تتعاقد سلفاً على شراء احتياجات المملكة من البترول مدة سنة بالأسعار الحالية.
هذا الموقف ينطلق من توقع عودة الأسعار إلى الارتفاع، ولكن من يدري، فهناك خبراء يقولون أن سعر البرميل سوف يهبط بسرعة باتجاه 60 دولار للبرميل.
العملية برمتها عملية مضاربة استناداً إلى توقعات قد تصح وقد لا تصح، فهي خطوة موفقة إذا ارتفعت الأسعار العالمية للبترول، ولكنها خطوة كارثية إذا استمر انخفاض الأسعار العالمية. ومن يدري؟.
شركة عالية -الخطوط الجوية الملكية الأردنية-سبق لها أن مارست قبل عدة سنوات هذا النوع من المضاربة ضد الأسواق العالمية، وتعاقدت على شراء احتياجات طائرات الشركة في مطارات العالم من بنزين الطائرات (الافتور) لمدة سنة قادمة، وكانت النتيجة خسارة بالملايين، لأن الأسعار لسوء حظ الشركة انخفضت ولم ترتفع، وتعرضت إدارتها في حينه للنقد الحاد لأنها اتخذت قراراً خاطئاً كلف الشركة ملايين الدنانير مع أن المضاربة في الأسواق العالمية ليست من اختصاصها.
سوق البترول العالمي شديد الحساسية، ويقال إن العمليات الحقيقية التي تهدف فعلاً لاستلام ما اشتري بموجب عقود آجله أو تسليم ما بيع لا تزيد عن 20% من مجموع الصفقات، وإن 80% معاملات البيع والشراء تمثل مضاربات تستهدف الربح عند تصفية العقود بتاريخ الاستحقاق، ويمارسها مضاربون متخصصون.
هذا النوع من التعامل يدل على أن في السوق جهات تتوقع ارتفاع الأسعار فتشتري سلفاً بسعر اليوم، وجهات أخرى تتوقع الانخفاض فتبيع سلفاً بسعر اليوم ومن هنا يلتقي العرض والطلب.
عندما تشتري دولة أو شركة عقداً من هذا النوع لأنها تتوقع ارتفاع الاسعار فإن هناك جهة تكون قد باعت هذا العقد لأنها تتوقع الانخفاض، وهي أكثر خبرة بسلوك الأسعار وتقلباتها في الأسواق العالمية. أي أنها تتعاقد مع مضارب يملك خبرة واسعة، ومن الأرجح أن تكون توقعاته أصدق من توقعاتها، وإن كان كل شيء ممكناً.
الأصل أن تقبل الحكومة الأسعار العالمية كمعطى، وأن لا تدخل في مضاربات ومراهنات، قد تصح وقد تخطئ وتتحمل المسؤولية.
(الرأي)