لنسعَ لتطوير جامعات المحافظات
نايف المحيسن
27-11-2014 04:01 AM
لخَّصوا لي حالة جامعات المحافظات واعتبروها مدارس ثانوية على مستوى المحافظة ولا ترقى لطبيعة الحياة الجامعية .
عندما سألتهم وأنا في حضرة جامعة مؤتة عن أوضاع الجامعة وطبيعة الحياة الجامعية فيها أجمعوا على هذا الرأي واعتبروها كأنها «مدارس ثانوية» انتقل الطلبة منها إلى الجامعة، لتكون أيضا مدرسة ثانوية أخرى؛ لأن البيئة واحدة فنفس الطلبة في المدرسة الواحدة يلتقون بنفس الجامعة وكأن شيئا لم يتغير، اللَّهُم إلا أن اسمها جامعة .
الجامعات معروف عالميا أنها بيئة جديدة ومختلفة عن بيئة المدرسة، والطالب ينتقل إليها لتكون له شخصية مختلفة، ففيها يشعر باكتمال نموه العقلي والذهني واستقلاليته، ويصبح أحد العناصر الأساسية للتكوين البيئي في الجامعات وهي تنقل الطالب، وهذا أهم شيء إلى بيئة مختلفة كليا عن البيئة التي كان هو فيها، ففيها من يتفترض أن علاقات الطلبة وصداقاتهم ستختلف كليا عمَّا كانوا عليه في المدرسة .
الجامعة هي طموح شبابي للتفاعل مع حياة ذات استقلالية ليتعود الشاب على أن يكون هو صاحب القرار بعيدا عن توجيهات الأهل لأن من يصل للجامعة سيكون مختلفا عن طالب المدرسة من وجهة نظر الأهل.
المشكلة -كما أشار اليها الأساتذة الأجلاء في جامعة مؤتة- هي أن طلبة الجامعة أصبحت حياتهم فقط مع طلبة المدرسة وان تجاربهم في الحياة لن تتطور لأنهم لم يتعرفوا -كما هي حال الجامعات- إلا على نفس من كانوا زملاءهم في المدرسة، هذا بالإضافة الى تدني تعامل الجامعات مع ما يُسمَّى بالتفاعل مع المجتمع المحلي.
جامعة مؤتة عند بدايات تأسيسها كانت تحتوي خليطا من الطلبة من كل مناطق المملكة، كما كانت جامعة اليرموك، ولكن مع التوسع بإنشاء الجامعات الحكومية والخاصة ولجوء الجامعات الى البرنامج الموازي كل هذا أسهم في الحد من التوجه لجامعات المحافظات، وأعتقد أن المعاناة في هذه الجوانب أيضا تكون في باقي الجامعات كجامعة الحسين في معان والجامعة التقنية في الطفيلة وحال مثل هاتين الجامعتين قد تكون أكثر إيلاما من مؤتة، فالطلبة من خارج هذه المحافظات التي تقع بها هذه الجامعات لا تتعدى نسبتهم بأحسن الأحوال 10 %من نسبة طلبتها. ولا أعتقد أن الحال تختلف بالنسبة لجامعة آل البيت وكذلك الهاشمية فقد تكون أفضل لكنها اقرب الى حقيقة جامعات المحافظات .
الجامعة الأردنية كانت نموذجا -ولا تزال- لاختلاف البيئات، ومنها كان الطلبة يطَّلعون على بيئات غير بيئاتهم، وهي لا تزال نموذجا في هذا الجانب من حيث الاختلاط والمعرفة الجدية التي تفتقر اليها جامعات المحافظات.
أعتقد أن جامعات المحافظات أصبحت الآن واقعا لا يمكن تغييره، ولكن من الممكن أن يكون هناك تغيير بطرق القبول ووضع حوافز للطلبة للإقبال على جامعات المحافظات بدل الهروب منها، وقد يكون افضل الحلول ما اقترحة احد الأساتذة ان يقتصر قبول الطلبة ضمن قوائم «الأقل حظا» في تلك الجامعات ، وان تقدَّم لهم وللفقراء فيها المنح، وبذلك نعزز فكرة ان جامعة المحافظة هي جامعة حقيقية تتمازج فيه البيئات من مختلف المناطق والمحافظات.
(الدستور)