"بُشرى" تأخذني نحو البادية!
جهاد جبارة
26-11-2014 08:11 PM
أتوقُ "لبُشرى" أخرى,أكبر عُمراً,وأكثر خبرة,وأكنَزُ رصيدا في حساب الغيم, "بُشرى" التي أتوقُ لها قد تلدها رحمة الله بأي وقت خلال مخاض هذا الشتاء,وقد تكون من برج القَوْس إن شاء ربك أن يُنجبها في كانون القادم بعد أيامٍ لا أكثر.
قلبي يُحدثني أن انتظاري "لبُشرى" الأخرى لن يطول لأن الذي عند الله أقرب من الحاجب للعين,وأقربُ من السبّابة للإبهام,والأوسَط.
قد تسألون,لماذا يستعجلُ توقي "لبُشرى" الثانية ونحن لا زلنا ننهل من نعمةٍ ساقها لنا الله في مولد هذه "البُشرى",وجوابي هو أن تَوقي لها ينبع من رجاء أن تأخذ "بُشرى" الثانية بيدي نحو البادية,حيثُ أتوقُ لسماع "طِقيق" المطر على سطح بيت شَعرٍ هُناك,كما أتوق لرائحة "جميدٍ" يغلي في قِدْرٍ على نار حطب "العجرم" يُخالطه حطب "الفِرْس" و "الغضا",وأتوق لمغرفة من الخشب تَغرِفُ من "عكّة" الجلد سمناً بنكهة زهرة "النَفَلْ" لتُغرقهُ في قِدْر "الجميد",وأتوق لطين البادية الذي أكادُ من تَوقي له أن أظنه دِبساً فأغمّسهُ بخُبزٍ تحمّر على صاجٍ فتقمّرْ,وأتوقُ لهديل حمامةٍ بريّة إحتَمَت داخل "مْحرَم" بيت الشعر فتركوا لها حُريّة البَوح دون أن يسألوها عن سبب مكوثها ضيفةً "خفيفة الدم" عليهم,وأتوقُ لماء طازجٍ من غديرٍ مُجاور لا زالت نُتَف الغيم تطفوا على سطحه,وأتوق لزُرقة واخضرار وَشمٍ على وجه امرأة طاعنة في عمرها كُلما حَكَت أكاد أسمع صهيل خيل "ألعبيّات",و "الصقلاويّات",وأتوقُ لبسمة رضا على شفاه طفل بدويّ شبع من صدر أمه حليبا بنكهة "الغار" و "القيصوم" و "الزعتر البريّ" فأغمض جفنيه على حقل ربيع أخضر وَعَدَت به السماءُ البادية,وأتوقُ لملقط جَمر نثيلة نار يقترب من صدري ليخلع القلب ويرميه في حِضن البادية!.
يا الله كم أنا مشتاق,كم أنا توّاق لرائحة أرض البادية!.