إن المراقب لعمل حكومة د البخيت يجد أن هذه الحكومة تستحق البقاء حيث أن هذه الحكومة حافظت على خط ونهج ثابت فقد قامت هذه الحكومة بإنجاز ملفات وطنية هامة وهي بصدد انجاز أخرى في الأهمية ذاتها بيد أن ما يقوم به بعض الرموز النيابية من تحرش غير ذي جدوى بهذه الحكومة يأتي في سياق الحملات الانتخابية المبكرة التي إن دلت على شيء فإنما تدل على الإفلاس السياسي والشعبي الذي وصل إليه حال نواب الأمة حيث أن هذا المجلس اثبت وعلى مر السنوات الأربع الفائتة بأنه مجلس لا يرقى لطموحات القيادة وطموحات الأمة فالقيادة الهاشمية رسمت منهاجا ديمقراطيا مبني على التوافق وتقبل الآخر مهما كانت الخلفيات السياسية . فالتوافق هو أساس العمل الديمقراطي البناء والذي لا بد وان يلتزم به الجميع .
كما وان حكومة الدكتور البخيت قد واجهت وعلى فترات محاولات استنزاف إعلامية كان الغرض منها اختزال عمر الحكومة ودفعها إلى الرحيل المبكر وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تأثر بعض التيارات الإعلامية بالجو السياسي السائد والذي تفرضه التحرشات البرلمانية و الصالونات السياسية الباحثة عن الأضواء .
وايما كانت الظروف السياسية أو الجهات السياسية التي تطالب برحيل الحكومة فإن الرأي الذي يجتمع عليه السواد الأعظم من الأردنيين هو بقاء الحكومة الحالية حتى إجراء الانتخابات النيابية والتي تفيد الإشارات الملموسة بأنها ستجرى في أجواء ديمقراطية وانها ستكون مقبولة من قبل مختلف الأحزاب السياسية والذي سيضمن مشاركة اكبر وأوسع .
بيد أن الدكتور البخيت لا بد وأن يقوم بإجراء بعض العمليات الجراحية الصغيرة على فريقه الوزاري الذي لا بد و أن يدخل المرحلة القادمة بتوازن وتجانس أفضل مما عليه الآن وهذه العمليات من الممكن أن يكون لها أكبر الأثر في إدارة الملفات المحلية بطريقة أفضل حيث لا بد وان يطال التعديل الوزاري الوزارة التي تضطلع بالدور الأوسع في العملية الانتخابية وهي وزارة الداخلية حيث أن ضخ دم جديد في هذه الوزارة يمكن أن يؤثر إيجابا على عملية إدارة الانتخابات ويكسبها مصداقية اكبر . كما وأن الخبير في السياسة الخارجية لم يكن بأدائه المعهود حيث أن وزارة الخارجية كان من الممكن أن تحقق مكاسب وانجازات تتناسب والرؤية الملكية حيث أن التحركات الملكية وحدها فقط هي التي كانت تقرأ الأحداث من حولنا وتعمل على التعامل معها وفق النهج الهاشمي الذي لا يتغير . أما الفريق الاقتصادي فلا بد وان يقوم دولة الرئيس بإيجاد وسيلة تجعل منه فريقا متجانسا غير متصارع حتى ولو استدعى الأمر تغييب بعض الرموز المهمة في هذا الفريق . أما على الجانب التربوي والتعليمي فأن التوجه الذي تم نسبه إلى الدكتور البخيت قبيل التعديل الوزاري السابق والذي يقضي بفصل الوزارتين التربية والتعليم عن التعليم العالي فهو يدل على أن الرئيس يعرف من أين تأكل الكتف فبقاء الوزارتين على هذه الحال أدى إلى توغل السياسات المرسومة لإحداهما على الأخرى فالوزارتين فيهما اختلاف كبير في آليات العمل . وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الإنجازات المهمة التي تم تحقيقها في وزارة التربية والتعليم لم يكن هناك انجاز يماثله في التعليم العالي فكم سمعنا عن الانشغالات التي تدفع معالي الوزير لتأجيل ملفات مهمة خاصة بالتعليم العالي وإعطاء الأولوية لملفات أخرى قد تكون بالأهمية ذاتها كما وأن تجسير الهوة بين المراحل التعليمية المدرسية والجامعية قد لا يتطلب بعض القرارات التي ثبت بطلانها عند التطبيق فأقتضى الأمر النظر فيها مرة أخرى والعودة عن بعضها .
وأخيرا ومن وجهة نظر الكثير من الأردنيين فإن حكومة الدكتور البخيت ما زالت ملتزمة بالأطر المرسومة في خطاب التكليف السامي والدكتور البخيت هو الأقدر في هذه المرحلة على إدارة ملف الانتخابات النيابية القادمة إلا انه سيكون أمام خيار التعديل الوزاري الذي لا بد وان ينفذ بطريقة مختلفة هذه المرة حيث نقل الحقائب ودمجها لم يؤتي أكله.
a.azzam@ju.edu.jo